مقالات
اعتذار متأخر
"تذكّر أن كل عمل خير تفعله سيعود عليك في يوم ما ...
وأن تعتذر متأخرا خير من ألا تعتذر أبدا "
فعندما كنت في الصف السابع من المرحلة الأساسية، وجّه لي تلميذ من الأشقياء لكمة في بطني مازحا .. لم يؤلمني ويغضبني فقط ،ولكن الإحراج والإذلال اللذين شعرت بهما كانا لا يمكن احتمالهما .
أردت أن آخذ ثأري بأي طريقة حتى نتساوى ، خططت بصحبة صديقتي التي أتنافس معها في الدراسة لكي أقابله في الساحة الخلفية من بناء المدرسة القديم ، في اليوم التالي وأفعل به ما فعله بي أو أكثر (تماما كالزعران!!!).
لسبب ما ربما أحمق-وكثيرا ما أتصرف بحمق- أفشيت خطتي لوالدتي وكان ذلك خطأ كبيرا ،أو هكذا على الأقل ما اعتقدته ، فقد أعطتني والدتي محاضرة طويلة عريضة كانت عائقا لي ، فقد منعتني من تنفيذ خطتي وأن (أفشّ غلّي وآخذ بثأري) من ذلك الولد الشقي، ومن بين ما أذكره من تلك المحاضرة قولها أنني لا يجب أن أهتم بهذا الصبي ، وبهذا النحو ، فأنا بنت أولا... ولا يجوز ذلك ثانيا، لأن أعمال الخير تأتي بالنتائج الطيبة ، والأعمال الشريرة تأتي بنتائج سيئة ، وطلبت أن أعتذر منه إن سببت له أي إحراج، وهذا أكثر ما أغاظني!! ولكنني فعلتها عن مضض.
وقتها تحدثت طويلا لأقنعها بأنني لم أفعل له أي شيء... حتى أنني أهمله عندما يحاول إضحاكنا بنكاته السخيفة في حصة اللغة العربية ، ولا اظهر أي ابتسام لذلك.
المهم أنني لم آخذ بثأري من ذلك الولد ... واستغرق الأمر خمسة عشر عاما لكي أفهم الحكمة من تكرار كلماتها .
لقد مرّ على ذلك الوقت زمن ... وهاأنذا أوصي طلبتي في المدرسة دائما بنصيحة والدتي الرائعة . وعدم الالتفات للتصرفات السيئة. وكم من الجميل أن نكون متسامحين.
حقا!!! " يجب أن ننتبه أننا نجني ما نزرع "
قد يسأل أحد ما: ماذا عن ذلك الولد الشقيّ في الصف السابع؟
بالتأكيد ترفع إلى الصف الثامن ... والصدفة ان جاءني معتذرا بحرج لم أبلغه منه يوما ،عندما علم بأننا جيرانه الجدد... ولكن كيف تعرف إليّ؟ لا تسألوني ؟ للحظة لا أعرف!!!
صفية البكري
المفضلات