ورد بالوثائق السرية التي نشرتها قناة الجزيرة أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير كثيرا ما كان يُزدرى على جهوده لتطوير اقتصاد الضفة الغربية، وكان ينظر إليه بأنه يركز أكثرمن اللازم على إحراز تنازلات صغيرة من إسرائيل لمشروعات التنمية البسيطة، بينما كان يثبت معارضة أو عجزا عندما يتعلق الأمر بإقناع إسرائيل بتخفيف القيود الأكبر المفروضة على الفلسطينيين بالضفة.
وأشارت ديلي تلغراف إلى مذكرة تستعرض مقترحات بلير اتهم فيها بإظهار تحيز لقوات الأمن الإسرائيلية واتباعه "نهجا عنصريا في التعامل مع الضفة الغربية المحتلة".
اتفاقات سرية
وجاء في صحيفة غارديان أن المفاوض الفلسطيني يرفض مزاعم اتفاقات سرية مع إسرائيل، وأن الوثائق المسربة تبين كيف يريد الفلسطينيون السلام بقوة.
وقالت الصحيفة إن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات وصف تسريب المذكرات السرية التي توثق عقدا من مباحثات السلام بأنها "حملة تشهير" وأصر على أنه لن يتم الاتفاق على تنازل واحد بدون اتفاق شامل مع إسرائيل التي احتلالها للأرض الفلسطينية هو الشيء الوحيد الثابت.
وأضافت أن عريقات أنكر الاتهامات بأنه متورط في صفقات سرية مع إسرائيل، لكنه فشل في تكرار زعمه السابق بأن الوثائق التي نشرتها الجزيرة وشاركتها فيها غارديان كانت مجموعة من الأكاذيب.
ويؤكد عريقات أن أي حل يتم الاتفاق عليه بالمفاوضات يجب أن يمر من خلال استفتاء وطني فلسطيني، ومع ذلك تكشف الوثائق إقراره بأنه من غير الممكن إجراء تصويت خارج الضفة الغربية وغزة، وهو ما سيترك ملايين اللاجئين في الأردن ولبنان عاجزين عن المشاركة.
وبين دليل من الوثائق أن المفاوضين الفلسطينيين وافقوا سرا عام 2008 على السماح لإسرئيل بضم كل المستوطنات التي بُنيت بطريقة غير قانونية في القدس الشرقية باستثناء واحدة، ووافقوا على عودة عدد رمزي بنحو عشرة آلاف لاجئ إلى إسرائيل. ويكتب عريقات "لن يتم الموافقة على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء".
"
الوثائق تبين أيضا أن منظمة التحرير الفلسطينية تعمل بشكل وثيق مع قوات الأمن الإسرائيلية لاستهداف حماس والمسلحين الآخرين
"
غارديان
وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق تبين أيضا أن منظمة التحرير الفلسطينية تعمل بشكل وثيق مع قوات الأمن الإسرائيلية لاستهداف حماس والمسلحين الآخرين.
وتصف وثائق أخرى كيف أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاول إقناع رجال أعمال فلسطينيين للمساهمة بملايين الدولارات في محطة إذاعة للمعارضة الإيرانية بعد انتخابات الرئاسة عام 2009.
وقالت الصحيفة إن عريقات أشار إلى خطوة عباس في اجتماع المبعوث الأميركي بالشرق الأوسط جورج ميتشل كدليل على تأييد السلطة الفلسطينية لأهداف الولايات المتحدة بالمنطقة، وخاصة محاولاتها للتصدي لنفوذ إيران "التي تمول حركات المقاومة المسلحة مثل حماس وحزب الله اللبناني".
وأشارت الصحيفة إلى أن عريقات هاجم أمير قطر، واتهمه بشن حملة شخصية ضد عباس، وشكا مسؤولون فلسطينيون آخرون أن قطر مولت حماس.
وأضافت أن مفاوض منظمة التحرير الفلسطينية تجادل في اجتماعات كثيرة مع المسؤولين الأميركيين أن تسوية الدولتين كانت ضرورية كجزء من إستراتيجية أوسع لتعزيز الاعتدال ومحاربة تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط.
وقال المفاوض "إذا لم يكن هناك سفارة إسرائيلية في القاهرة فإن بن لادن سيتواجد هناك وإذا لم يكن هناك واحدة في عمان فإن نائب بن لادن الظواهري سيفتح محلا هناك أيضا".
حملة تشهير
وفي غارديان أيضا كتب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن الوثائق الفلسطينية إلهاء عن القضية الحقيقية، وأن المفاوضين الفلسطينيين لم يبرموا اتفاقات وراء الكواليس، وأنهم تفاوضوا بحسن نية لكن فلسطين لم يكن لديها شريك للسلام.
وقال عريقات إن نشر الجزيرة للوثائق لا يكشف شيئا جديدا عن طبيعة ومحتوى المفاوضات، وبدلا من ذلك فإنها تشكل حملة تشهير موجهة ضد القيادة الفلسطينية في وقت نسعى فيه جميعا لاتخاذ إجراءات جديدة دفاعا عن القضية الفلسطينية.
وأضاف أنهم اتهموا بتقديم تنازلات كبيرة لإسرائيل من وراء ظهر الشعب الفلسطيني، وأن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة.
وأكد عريقات أنه من المهم فهم أنه لم يتم التوصل أبدا إلى اتفاق بين الأطراف على أي قضايا الوضع الدائم. وهذه الحقيقة تجعل من المستحيل أن يتنازل أي طرف عن أي شيء.
واستطرد عريقات بأنهم أوضحوا دائما أن أي حل متفق عليه على مائدة التفاوض يجب أن يخضع لاستفتاء وطني فلسطيني. وبعبارة أخرى لن يتم إبرام اتفاق بدون موافقة الشعب الفلسطيني. ومن ثم ليس هناك أسرار ولا تعاملات وراء الكواليس.
ومضى في أن ما ينبغي أخذه من هذه الوثائق هو أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا يأتون إلى طاولة المفاوضات بجدية تامة وبحسن نية وأنهم كانوا يقابلون بالرفض من الطرف الآخر. ويجب على العالم ألا يُصرف عما كان ثابتا دائما طوال هذه العملية وهو أن إسرائيل مستمرة في احتلال أرض فلسطين واستيطانها بلا هوادة وإنكار أبسط الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وخاصة لاجئينا. وهذه هي القضايا التي تتطلب الاهتمام والتي يجب التصدي لها دون المزيد من التأخير.
وعن ردود فعل الشارع الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بشأن الوثائق الفلسطينية، كتبت ليلى الحداد في غارديان أيضا أن الوثائق ربما سببت صدمة في أنحاء العالم العربي لكنها لم تكن مفاجئة لمعظم الفلسطينيين، وخاصة أولئك الذين يعيشون خارج الواقع المرير على الأرض التي لم يتم التفاوض عليها في الأراضي المحتلة مثل أرض عائلتي أو في مخيمات اللاجئين خارج الأراضي المحتلة مثل عائلة زوجي في مخيمات لبنان.
وقالت ليلى إن التفاصيل في الوثائق الفلسطينية، أكثر من أي شيء، تبين فقط كيف كان المفاوضون بعيدين عن هذا الواقع وكيف اختاروا تجاهل هذا الواقع، وأن هذا الانكشاف، أو التذكير، هو أكثر ما أغضب وأزعج كثيرا من الفلسطينيين. كما تؤكد الوثائق العناد الإسرائيلي في وجه المواقف الفلسطينية المخزية.
المصدر: الصحافة البريطانية
المفضلات