كان هناك سجينٌ محكومٌ عليه بالإعدام ف أحد قلاع أيام زمان .. يقبع مربوطاً إلى
سلاسل حديدية ثقيلة ف مكان كبير ضمن هذه القلعة ، ذو بوابة حديدية .
و كان للسلطان وزيرٌ داهيةٌ شديد الذكاء .. فصادف أن دخل ع هذا السجين قبل
ليلة من تنفيذ حكم قطع الرأس على هذا السجين
و قال له :
سأعطيك فرصة أخيرة تنقذ فيها نفسك من قطع رقبتك ..
ف هذا المكان هناك مخرج وحيد تستطيع الولوج منه خارج القلعة و تنجو ...
فإن استطعت إيجاده و الهروب قبل شروق شمس الغد ... تكون قد أنقذت روحك ...
و إلاّ ... موعدنا صباح الغد مع السيّاف.
استبشر المحكوم خيراً ... و جعل يبحث و ينقّب و يفتش عن المخرج ..
فالمكان كان كبيراً و يضم عدة سراديب و بوابة حديدية واحدة ..
لاحق هذا المتفاءل أحد السراديب الذي كان يؤدي إلى نفق كبير و طويل ..
ثم إلى سلّم .. اعتلاه حتى بدأ يشتم هواء الحرّية .. و فعلاً وصل إلى برج
عالٍ جداً لا يستطيع القفز منه أو الهروب ...
عاد أدراجه .. تلفّه خيبة أمل .. و لكنّه قرر ألا ييأس من المحاولة الأولى ...
فالليل مازال يانعاً .. و بإمكانه الاستمرار ف البحث و يكسب حياته المهدورة ..
لو أنه بذل كل طاقته لإيجاد هذا المخرج المخفي ..
و جعل يبحث ف جميع الزوايا و السراديب .. حتى أضناه التعب و لم يجد شيئا ً..
فتمدد ع الأرض و رفع قدمه ع الجدار كي ينال قسطاً من الراحة .. و إذ بحجر
ف الجدار يتحرك تحت رجله ... قام سريعاً و بدأ بتحريك الحجر الثقيل حتى استطاع
اخراجه من مكانه .. و كذلك بضعة أحجار كانت بجواره حتى اكتشف نفقاً ضيّقاً يتسع
له زاحفاً ...
زحف طويلاً ع بطنه و هو يصارع الرمل تحته و الأحجار الصغيرة .. حتى بدأ يسمع إلى
هدير المياه .. فتذكر أن القلعة تقع ع ضفة نهر كبير .. فاستبشر خيراً و تابع بكل نشاط
حتى وصل إلى نهاية النفق ... و لكن !!!
ياللتعاسة ... فوجئ أن نهاية النفق كانت تسدها قضبان حديدية ضخمة لم يستطع أن
يفعل حيالها أي شيء ... سوى الرجوع إلى الخلف يجر وراءه أذيال الخيبة و الإنهزام ...
و أمضى الوقت كله باحثاً عن هذا المخرج .. ف جميع الأركان .. و كان دائماً يفشل
و يصل إلى نهاية مسدودة .. رغم أنه لم يترك شبراً أو حجراً أو زاوية ، لم يكد يفتش
فيها و يحاول الوصول إلى هذا المخرج ..
حتى حلَّ الصباح ، و أشرقت الشمس .. و حملت معها خطوات الوزير بصحبة الجلاَّد
الذي سيُنفّذ الحكم بهذا السجين ..
و هناك وجده منهكاً و قد أضناه تعب البحث المتواصل طوال تلك الليلة الأليمة ..
أراك لم تجد المخرج الذي كان ملاذك الأخير للتخلص من سيف جلادنا القاطع الحاد !
(قال الوزير)
أخفض السجين رأسه ندماً ، و قد فوَّت عليه هذه الفرصة الأخيرة ..
لكن الوزير قال بكل استخفاف :
لقد بحثتَ ف كل مكان و زاوية .. و قد غفلت عن أبسط احتمال !
لقد تركتُ باب سجنك مفتوحاً و لم أقفله .. و كان هو مخرجك الوحيد للنجاة ،
الذي لم تفكّر فيه
صحيحٌ أننا ف كثير من الأحيان نغفل عن أبسط الحلول التي تكون أمام ناظرنا
و لا نراها أبداً !!!!
المفضلات