تطويـر الخـبـز عـلـي نــــــار هادئــــة
تحقيق: سيد صالح
رغيف الخبز, بصورته الحالية, يعكس قمة التناقض بين أهداف الدعم.. والنتائج التي وصل اليها! فالدولة تنفق مليارات الجنيهات علي دعم الرغيف, وبسبب سوء التصنيع, يتخلص البعض منه في صناديق القمامة.
أو تبيعه بعض المخابز بالكيلو, لاستخدامه كعلف للحيوانات! وربما لا يعرف الكثيرون ان الدولة تلتزم بتوريد حصص الدقيق للمخابز بسعر16 جنيها للجوال زنة100 كيلو جرام, فتتسرب كميات منه الي السوق السوداء, لاستخدامها في تصنيع الحلويات, والجاتوهات, ومن ثم يذهب المدعم, الي غير منافذه الشرعية!.. وهذه قصة شهيرة تتكرر كل يوم وفي كل مكان. في خطوة مهمة لتقليل الفاقد في الانتاج, وترشيد الدعم, قرر الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء انشاء جهاز تنظيمي للنظر في حلقات انتاج الخبز المدعم, ومراقبة جميع المراحل لتحقيق الاستفادة الكاملة من الدعم, خاصة ان المنظومة الحالية تدار بشكل بدائي, كما تستحوذ علي نحو12 مليار جنيه من فاتورة الدعم.
وتدرس وزارة التضامن الإجتماعي حاليا, انشاء مجمعات لانتاج ملايين الارغفة يوميا, وهي التجربة التي انطلقت من الإسماعيلية, حيث يجري استخدام احدث التكنولوجيات في مراحل الانتاج المختلفة لضمان انتاج خبز جيد المواصفات, ومعالجة القصور الناجم عن تفتيت الحصص التي يتم صرفها للمخابز حاليا, وضمان جودة الخبز وتقليل الفاقد من الدقيق, والقضاء علي ظاهرة طوابير الخبز.
في مصر الان ـ كما يقول عبد الله غراب رئيس شعبة المخابز في الاتحاد العام للغرف التجارية ـ23 الف مخبز, تنتج95% منها الخبز البلدي, بينما تنتج5% منها الخبز ـ الطباقي ـ المدعم, والذي يباع بسعر20 قرشا للرغيف,وتختلف حصة الدقيق المدعم من مخبز الي آخر, ولنعترف بان تكاليف تشغيل70% من هذه المخابز غير اقتصادية تماما, فتكلفة الانتاج مرتفعة, وتسبب خسائر للمخابز في كثير من الاحيان, والدولة تعطي الدقيق للمخابز بسعر16 جنيها للجوال زنة100 كيلو جرام, وكانت تكاليفه بعد تصنيعه تصل الي70 جنيها وفقا لتقديرات عام2006, وقد ارتفعت التكلفة بالطبع خلال السنوات الاخيرة, وبالتالي لم تعد المخابز تحقق أرباحا علي الاطلاق.
ورؤيتنا في شعبة المخابز, تركز علي اهمية تطوير هذا القطاع, لاسيما ان الدولة تتجه لاقامة مجمعات, او كيانات كبيرة, بحيث ينتج المجمع الواحد نحو مليون رغيف, او ما يزيد حسب خطوط الإنتاج التي سيتم تزويد المجمع بها, فضلا عن منظومة لنقل الخبز الي منافذ متعددة لبيعه للجمهور.
وقد التقينا وزير التضامن الاجتماعي الدكتور علي المصيلحي عدة مرات ـ والكلام لرئيس شعبة المخابز وناقشنا التحديات التي تواجه المخابز, وآليات تنفيذ فكرة المجمعات, وابدينا استعدادنا لاقامة شركات مساهمة لانشاء مجمعات لانتاج الخبز, علي ان تمنحنا الدولة قطع اراض في مناطق مميزة, بنظام حق الانتفاع, او اي نظام اخر تراه مناسبا, وقد عرض الوزير اقتراحنا علي الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء, ووافق عليه, كما عقدنا عدة لقاءات في الشعبة العامة للمخابز, بالاتحاد العام للغرف التجارية, وناقشنا فكرة انشاء المجمعات, وبحثنا امكانية اندماج كل مجموعة من المخابز ـ علي سبيل المثال ـ في كيان واحد, لانشاء مجمع كبير, وسوف اذهب الي لبنان, لمعاينة هذه المجمعات التي يتم تصميمها, وانتاجها هناك علي الطبيعة.
تجرية الاسماعيلية
وفي سبيل الوقوف علي تجربة مجمعات الخبز علي ارض الواقع, ذهبت مع21 رئيس شعبة مخابز علي مستوي الجمهورية الي محافظة الاسماعيلية لزيارة احد المجمعات, حيث تم تجميع حصة الدقيق المقررة لنحو19 مخبزا, لانتاجها في المجمع الذي يضم5 خطوط, ينتج كل خط منها350 جوال دقيق زنة100 كيلو جرام, والتجربة مثمرة.
قلق في المخابز
ومع ذلك, تثير فكرة انشاء المجمعات, مخاوف أصحاب المخابز الصغيرة, فالفكرة لم تلق قبولا لديهم, وسبب رفض المجمعات ـ كما يقول فرج وهبة رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية بالقاهرة, هو المصلحة العامة, ومصلحة المواطن في الاساس, فخبز المجمعات سوف يكون مغلفا, في حين يفضل الناس شراء الخبز بنار الفرن..!
>> قلت: ألا تعتقد ان مجمعات الخبز سوف تغلق الباب امام التلاعب بالدقيق المدعم, وسوف تؤدي إلي ترشيد الدعم؟
>> اجاب وهبة: قصة التلاعب بالدقيق ـ مستهلكة ـ وقديمة, فالدولة تعطي المخابز حصة الدقيق بالعدد, وتتسلم بـ50 جنيها خبزا من كل جوال, أما قصة دعم القمح فمردود عليها بان الدعم يذهب لشراء القمح بسعر السوق العالمية, ثم تعطيه للمطاحن, ثم تزودنا بالدقيق المدعم, بينما ينفق اصحاب المخابز من دمهم ولحمهم, لانتاج الرغيف, بمواصفاته وأوزانه المحددة, فجوال الدقيق يكلفني في انتاجه75 جنيها, بينما تدفع فيه الدولة50 جنيها لصاحب المخبز, وبالتالي نحن نخسر, والمشاكل تحاصرنا من كل جانب, ولذلك تلجأ المخابز لتعويض الفارق بين سعر التكلفة, والمبلغ الذي تدفعه الدولة بطريقة أو بأخري, ولاتسألني كيف تعوض المخابز الفرق؟ فالمخابز تتعرض لمحاضر وقضايا تصل غراماتها شهريا إلي01 آلاف جنيه, كما أن هناك أكثر من01 جهات تراقبنا!
المفضلات