قررت محكمة جنايات الإسكندرية شمالي مصر السبت، تأجيل جلسات محاكمة الشرطيين المتهمين في قضية مقتل الشاب خالد سعيد، والمعروفة إعلاميا باسم "شهيد الطوارئ"، إلى 25 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأعلنت المحكمة برئاسة المستشار موسى النحراوى التأجيل لحين اكتمال هيئتها لتغيب عضوي اليمين واليسار بسبب مشاركتهما في الإشراف على الانتخابات المقرر إجراؤها غدا الأحد في كل الدوائر الانتخابية المصرية.
وعلى غير العادة شهدت الجلسة التي لم تستغرق سوى عشر دقائق هدوءا تاما، وطالب فيها المدعي بالحق المدني التأكيد على حضور كبير الأطباء الشرعيين -الذي حضر لأول مرة منذ بداية الجلسات- المرة القادمة وإحضار حرز لفافة البانجو المستخرجة من حلق المتوفى، وطلب دفاع المتهمين إخلاء سبيلهما لعدم وجود ضرورة من حبسهما ولا يخشى هروبهما.
ولم ينظم أهالي القتيل أو المتهمين وقفاتهم الاحتجاجية التي اعتادوها مع المحاكمة، للمرة الأولى منذ بداية الجلسات التي وصلت إلى الجلسة الرابعة اليوم.
كما غاب أيضا الناشطون والسياسيون والحقوقيون ووسائل الإعلام، لانشغالهم بمتابعة الإجراءات الخاصة بالانتخابات البرلمانية، واقتصر الحضور على أسرة المجني عليه وأسر المتهمين في القضية.
ورغم ذلك شهدت المحكمة إجراءات أمنية مشددة، وانتشرت حولها العشرات من سيارات الأمن المركزي وقوات الأمن التي لم تسمح بتواجد سوى المترددين على المحكمة فقط.
واكتفى أعضاء الحملة الشعبية لدعم البرادعي ومطالب التغيير، وحركة شباب 6 أبريل وأعضاء حملة "خالد سعيد" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بتنظيم فعالياتهم الاحتجاجية الخاصة بجمعة الغضب مساء أمس الأول رافعين صور "شهيد الطوارئ" ومرددين الهتافات المنددة بقتله.
كما استنكروا في الوقفات الاحتجاجية التي نظموها في مناطق متفرقة من الإسكندرية، بإطلاق "الصافرات" وآلات التنبيه وطرق "الأواني"، استمرار وزارة الداخلية في استخدام نهج التعذيب وتزوير الانتخابات، على حد وصفهم.
وقام العشرات منهم بتوزيع بيان مصور على المارة في الشوارع وعلى الوحدات السكنية في عدد من المناطق، يحمل صورة خالد سعيد قبل وبعد الاعتداء عليه، مذيل بعبارة "الدور عليك".
وعلى الجانب الآخر أصدر مجهولون أطلقوا على أنفسهم "الحركة الشعبية لإظهار الحقائق" بيانا باسم "الملف الأسود لخالد سعيد"، ذكروا فيه أن المجني عليه هو شخص سيئ السمعة والسلوك، وسبق سجنه أكثر من مرة بسبب المخدرات وأن شقيقه اعتنق الديانة اليهودية مقابل الحصول على الجنسية الأميركية.
المحكمة شهدت تواجدا أمنيا مكثفا في الجلسات السابقة (الجزيرة نت)
ارتباك النظام
واعتبر مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل أن انشغال أعضاء هيئة المحكمة بالانتخابات وغيابهم عن الجلسة يؤكد مدى ارتباك النظام الحاكم في مصر، وحالة الرعب التي تسيطر عليه جراء غضب الملايين من الشعب المصري، بسبب التعذيب وانتشار الفساد وعدم شرعية الانتخابات التشريعية التي ستقام الأحد "بعد صدور حكم قضائي نهائي بإلغائها في عدد كبير من الدوائر".
وقال منسق الجمعية الوطنية للتغيير بالمحافظة القيادي اليساري أبو العز الحريري إن وزارة الداخلية اعتادت على تلفيق التهم للمواطنين عقابا لهم على مواقفهم وإصرارهم على كشف الفساد والتعذيب والتزوير وغيره، منتقدا قيام الشرطة وأعوانها بتلفيق اتهامات وادعاءات "كاذبة" إلى شخص متوفى في هذه المرة، على حد قوله.
كان النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قد أمر بإحالة أمين ورقيب الشرطة للمحاكمة بعد أن وجهت لهما تهم القبض على خالد سعيد (29 سنة) دون وجه حق وتعذيبه بدنيا واستعمال القسوة واستبعاد جريمتي القتل العمد والضرب المفضي إلى الموت.
وأثبت أكثر من تقرير للطب الشرعي وفاة سعيد بإسفكسيا الاختناق لابتلاعه لفافة تحتوي على مخدر البانغو خشية ضبطها معه أثناء قيام الشرطيين بإلقاء القبض عليه.
لكن يصر حقوقيون وعائلة المتوفى على أنه تعرض للضرب المفضي إلى الموت، على يد رجلي شرطة في زي مدني.
المصدر: الجزيرة
المفضلات