العين مرآة النفس
وحدها العيون تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة ما يعجز عنه اللسان وتتسلل إلى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا والصادقة جدا، فهي لغة لا تعرف الكذب ولا الرياء، لغة ليست بلغة لكنها مرآة صافية تعكس مباشرة كل المشاعر وتبوح بالأسرار.
العين تمنحك واحدا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدلك بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامك ، ستعرف من خلال عينيه ما يفكر فيه حقيقة ، فإذا اتسع بؤبؤ العين وبدا للعيان فذلك دليل على أنه سمع منك توا شيئا أسعده ، أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو الذي حدث ، وإذا ضاقت عيناه ربما يدل على أنك حدثته بشئ لا يصدقه وإذا اتجهت عينه إلى أعلى جهة اليمين فأنه يكون صورة خيالية مستقبلية وأذا اتجه بعينه إلى أعلى اليسار فإنه يتذكر شيئا من الماضي له علاقة بالواقع الذي هو فيه وإذا نظر إلى أسفل فإنه يتحدث مع أحاسيسه وذاته حديثا خاصا ويشاور نفسه في موضوع ما .
يمكن القول بأن العين أهم أجزاء الجسم التي جذبت انتباه العلماء في مختلف التخصصات فبالإضافة إلى تنافس الأطباء في معرفة أمراض العيون وعلاجها، تنافس أيضا علماء النفس في البحث في العين ومدى تعبيرها عن العواطف وكوامن النفس، إذ أن لمحة واحدة قد تفصح عما يفكر فيه الإنسان مهما حاول إخفاءه، لذلك قالوا : العين مرآة النفس.
وقالوا أيضا : عندما يتكلم الإنسان فأصغ إلى عينيه.
وحسب دراسات عدة فإن العين تكشف الكثير من الاسرار لمجرد النظر إليها وتقول استاذة علم النفس الفرنسية/سوزان بياكسيل/ في دراسة لها أن كل حركة أو نبضة أو اشارة او نظرة عين هي أشبه بالاشارة اللاسلكية قد تكون قوية او ضعيفة، والأمر يعتمد هنا على جهاز الاستقبال لدى الشخص الآخر. وتقول ايضا أن لغة العيون هي الأقوى في التعبير والاسرع في توصيل الرسالة الى الإنسان، لذلك من المهم جدا ان يتطلع الفرد في عين محدثه ليقنعه بصدق حديثه، كما أنه يمكن من خلال النظر في العيون الكشف عن الكذب في عيني الإنسان الذي تتحدث معه.
وقد اجمعت الدراسات ان هناك انواع من النظرات ، وكل واحدة تعكس المشاعر وبعضا من الصفات التي تتوارى خلف الأقنعة مثل النظرة المهذبة، وهي حسب /سوزان بياكسيل/ أقوى حجة من أي خطاب مكتوب خاصة إذا كانت صادقة. يتسم أصحاب العيون السوداء بالعصبية وسرعة التأثير، والغيرة الشديدة وتحكم القلب بالعقل معظم الأحيان، و يتسم أصحاب العيون الزرقاء بالجرأة وحب الذات والغموص وشدة الحساسية، أما أصحاب العيون الرمادية فهم قساة ذوو انطباع عنيف، أما العيون العسلية فيتصف أصحابها بالهدوء وحب الظهور وضبط العواطف، ونجد الرحمة والعطف والخجل والجاذبية لدى أصحاب العيون البنية، أما العيون الواسعة فلها العصبية والاندفاع وراء العاطفة، ونجد البعد عن التفاصيل وحب الظهور والفصاحة والميل للتشاؤم عند ذوي العيون الجاحظة، كما نرى التقمص والتدقيق والبحث عن التفاصيل والتفاؤل وحب الحياة لمن لديهم العيون الغائرة، وتقول العيون الخضراء عن اصحابها بأن لهم قوة الإرادة وبرودة العاطفة وصلابة الرأي والعناد و حب العمل. وكثيرا مايقال اننا نعرف الانسان إذا ما نظرنا الى عينيه باعتبارهما العضو الأكثر صدقا في نقل الاحساس الحقيقي وأيضا الأقدر على اظهار شعوره وصدقه وكذبه.
ومن الأدب أن لا ينظر الانسان إلى كل ما يقع عليه بصره، فثمة الكثير الذي قد يقع تحت أبصارنا ولا يحق لنا النظر فيه بل يجب غض البصر عنه، وغض البصر: هو أن يغمض الانسان بصره عما لا يجوز النظر عليه، ولا ينظر إلا لما أبيح له النظر إليه، وذلك لأن النظر يثير الغرائز، ويبعث الكوامن، ويدعو إلى الوقوع في الخطيئة.
عبدالسلام مصطفى الشويات
المفضلات