ويعتبر العلماء البحيرات تحت الجليد بمثابة كبسولات زمنية للفترة التي بدأت فيها القارة القطبية الجنوبية بالتجمد.
ويعتقد العلماء أن أي شكل من أشكال الحياة يمكن أن تحتويه تلك البحيرات قد يلقي الضوء على البيئات الحيوية القاسية الموجودة على كواكب وأقمار أخرى مثل المحيط الجليدي على القمر "أوروبا" التابع لكوكب المشتري.
ويمكن لوجود نظام تصريف تحت طبقات الجليد يربط بين تلك البحيرات أن يغير الاعتقاد السائد بوجود فرص بالعثور على حياة ميكروبية تطورت بشكل "منعزل".
ورغم ذلك يعتقد العلماء أن بعض تلك البحيرات ربما بقيت بالفعل منعزلة عن غيرها مع ما يحمله من اكتشافات ميكروبيولوجية مثيرة ممكنة.
ويقول البروفيسور "مارتن سيغيرت" من "جامعة بريستول" المشارك في وضع الدراسة :" لطالما فكرنا في البحيرات تحت الجليد باعتبارها معزولة ومتميزة عن بعضها."
وكان الاعتقاد في السابق أن الطقس شديد البرودة في القارة المتجمدة الجنوبية يحول دون وجود مياه سائلة تحت طبقات الجليد.
لكن منذ الستينيات تكتشفت الأقمار الإصطناعية والطائرات المزودة بأجهزة رادار قوية أعدادا متزايدة من البحيرات المدفونة على عمق عدة كيلومترات تحت الجليد.
وحتى الآن تم اكتشاف أكثر من 150 بحيرة، لكن يتوقع العلماء اكتشاف آلاف البحيرات الأخرى.
بحيرة فوستوك قابعة تحت أعماق الجليد منذ أكثر من 15 مليون سنة
وأكبر تلك البحيرات المكتشفة تحت جليد القطب الجنوبي هي بحيرة "فوستوك" وطولها 250 كلم وعرضها 40 كلم وعمقها 400 متر.
طوفان كارثي :
ويعتقد العلماء أنه من حين لآخر وبشكل متكرر تنتقل كميات كبيرة من المياه من بحيرة إلى أخرى، نتيجة ازدياد الضغط، عبر الأنهار التحتية التي قد يصل حجم بعضها إلى حجم نهر "التيمز" في لندن.
ويشبّه بعض العلماء تلك الظاهرة بما يحدث عند شطف دورات المياه.
ويعتقد العلماء أن بحيرة "فوستوك" التي تحوي من المياه ما يكفي مدينة لندن لمدة خمسمائة سنة ربما ولـّدت كميات هائلة من الفيضانات التي وصلت في فترة من الفترات إلى ساحل القارة.
ويزيد البحث الأخير من احتمالات تكرر هذا الحدث.
ويعتقد البروفيسور "سيغريت" أن امتلاء بحيرة مثل بحيرة "فوستوك" قد يستغرق آلاف أو حتى عشرات الآلاف من السنين.
ويضيف أن فيضان الماء من بحيرة إلى أخرى ربما يقع على مدار فترة تمتد عدة أشهر، ومن شأنه أن يرفع منسوب البحر بأقل من سنتيمتر واحد.
سر تجمد أنتارتيكا مجهول:
اكتشف علماء أدلة أحفورية تم دعمها بفرضية جديدة لتفسير سبب تجمد القارة القطبية الجنوبية قبل نحو 35 مليون سنة ، في أحد أضخم التحولات المناخية في تاريخ الارض.
كما أن الحفريات الدالة علي حدوث انخفاض قدره 2,5 درجة مئوية في حرارة المحيطات وهو ما يكفي لتكون الغلاف الجليدي في القارة القطبية الجنوبية قد تساعد أيضا في معرفة ما اذا كانت القارة ستذوب بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويمكن أن يتسبب ذوبان كامل لجليد القارة القطبية الجنوبية في رفع منسوب مياه البحار بنحو 57 مترا خلال آلاف السنين.
وحتي مجرد ذوبان محدود يمكن أن يهدد المدن الساحلية من شنغهاي الي نيويورك أو الجزر المنخفضة.
وقالت جامعة كارديف عن دراسة أعدها علماء من ويلز والولايات المتحدة ونشرت في دورية (جيولوجي) التي تصدرها الجمعية الجيولوجية الامريكية ان أدلة جديدة يمكن ان تحل اللغز الخاص بسبب تجمد القارة القطبية الجنوبية.
وقالت كارولين لير من جامعة كارديف وكبيرة معدي الدراسة لرويترز الآن نفهم النظام فهما أفضل. واضافت بعض السجلات الاخري أشارت الي حدوث ارتفاع في الحرارة في ذلك الوقت وهو امر كان محيرا للغاية.
وأظهرت دراسة حفريات حيوانات دقيقة الحجم تعرف باسم المنخربات وهي حيوانات بحرية مثقبة الاصداف عثرعليها في الطين في تنزانيا إن المحيطات تعرضت لانخفاض في الحرارة قبل 35 مليون سنة ربما بعد تحولات في مدار الارض حول الشمس.
وفي درجات الحرارة المنخفضة تحتوي أصداف المنخربات علي قدر أقل من الماغنيسيوم مما في المياه الدافئة. وكانت صخور الحفريات في الاصل جزءا من المحيط الهندي.
ويمكن أن يدعم الكشف الجديد النماذج المناخية الحديثة التي جاهدت لتفسير حركة ألواح الجليد قديما.
وقالت لير الان يمكننا أن نثق أكثر بما تتنبأ به النماذج المناخية. وأشارت السجلات الي أن جليد القارة القطبية الجنوبية تكون عندما كانت مستويات تركيز ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعث عادة من الكائنات الحياة وهو الان غاز الاحتباس الحراري الرئيسي في العصر الصناعي الحديث تساوي نحو مثلي المستويات الحالية في الجو. وقالت لير لكن لا يمكنك ببساطة ... القول انه اذا كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون تساوي مثلي ما هي عليه الآن فان غلاف القارة القطبية الجنوبية الجليدي سوف يذوب.
وأضافت أن كتلة الجليد الهائلة تعمل كثلاجة طبيعية تبطيء أي ذوبان. وقبل 35 مليون عام ربما لم يكن هناك سوي ألواح جليد صغيرة. وتقول لير اذا عدت بالزمن 50 مليون عام تجد أنه لم يكن هناك جليد في أي مكان علي الكوكب وكانت مستويات ثاني أكسيد الكربون أعلي وكان في الساحل الجنوبي لبريطانيا أشجار المنجروف الاستوائية
المفضلات