لعل التسمية جاءت من انها آخر «الجمع» الأربع التي نمر بها ونحن نعبر شهر رمضان الفضيل فجاءت هذه التسمية «الجمعة اليتيمة» التي وصفت بها جمعة شهر رمضان الاخيرة، وعلى الرغم من عدم الصلة بين «اليتيم» الذي يتأتى عن فقد أحد الأبوين، وهذا الواقع الذي يؤشر على بعد زمني لا بد وان يكون ما دمنا نؤقت للصيام بشهر له بداية وحتماً لا بد وان تكون له نهاية، الا ان الاصطلاح الذي صاغته الفطرة الاجتماعية عبر احساسها بأن هذه الجمعة تأتي وحيدة ليس لها ما بعدها، جعلت هذه التسمية اصطلاحاً لا نفتأ نكرره وعلى المستويات كافة.
اول ميزات هذه «الجمعة اليتيمة» الزيادة الملحوظة في اعداد المتعبدين، فهناك في الحرم المكي تتجمع الملايين حول القبلة يأتون من كل اصقاع العالم كي يعتمروا الى الكعبة في «الجمعة اليتيمة» وعلى امتداد العالم الاسلامي. رغم اختلاف المطالع–تبقى «الجمعة اليتيمة» ذات دلالة تعبدية خاصة، اول مظاهرها الزيادة في اعداد المقبلين على اداء هذه الصلاة، لأسباب حرص الجميع على ان لا تفوتهم صلاة «الجمعة اليتيمة» ويغدو منظر انتشار المصلين حول المساجد مهما كبرت مساحتها، منظراً مألوفاً يرتبط بأن هذه الجمعة «الجمعة اليتيمة» حتى ليخال للمرء ان الاجر والثواب في هذه الجمعة، ربما كان اكثر مما هو عند اخواتها الثلاث، مع ان هذا ليس صحيحاً مطلقاً.
مع هذا الازدياد، تزداد احتمالات الزحام والاكتظاظ وتغدو مواقع المساجد، بؤر ازمات تتنوع بين المرورية والجماهيرية ذلك ان ختام صلاة «الجمعة اليتيمة» عند «السلام عليكم ورحمة الله» يطلقها الائمة يميناً ومن ثم شمالاً، تعني «نفرة» يقوم بها الغالبية العظمى من المصلين الذين تضيق باخراجهم الابواب التي تكون عند بعض المساجد عديدة، ومع هذا يحدث عندها تماماً كما يحدث عند الأبواب المحدودة الصغيرة، حتى اذا ما اصبح المصلي خارج المسجد، تلقفته ازمة اخرى يصنعها المصلون انفسهم عند باعة لكل اصناف البضائع يحتلون الفضاء حول المساجد، فيضاعفون من حالة الازدحام.
هكذا اصبحت «الجمعة اليتيمة» عبادة يرافقها ازدحامات تنتج ازمات، تؤذي كثيرين ممن يرون في هذه «الجمعة اليتيمة» فرصة ثمينة لا يدرون عما اذا كانت تتكرر يستغلونها للتقرب الى الله تعالى بمزيد من عبادة خاشعة لا يمكن ان تكون كذلك الا اذا، تذكرنا دائماً ان «المؤمن هين لين» لا يخاصم ولا يدافع ولا يأتي ما يتسبب بأذى لأخيه المسلم اياً كانت الظروف فما بالك حين يكون هذا الظرف صباحاً في يوم جمعة نعتبرها من الايام المميزة بين ايام الاسبوع، مطلوب منا جميعاً اليوم عند صلاة «الجمعة اليتيمة» ان نجعلها مزينة بأخلاق المسلم محاطة بآداب الاسلام، بعيداً عن الأزمات وما يمكن ان نفرزه من نزق ينتج مواقف يأباها الخلق الاسلامي لا عبادة.. وأزمات.
نـزيــــه
المفضلات