... منذ سنوات عدة كان لأحد ملاك الأرض الزراعية مزرعة تقع
بجوار الشاطئ , وكان كثيرًا ما يعلن عن حاجته لعمّال ،
ولكن معظم الناس كانوا يترددون في قبول العمل فى
مزرعة بجوار الشاطئ ؛ لأنهم كانوا يخشون العواصف التي
كانت تعربد عبر البحر الهائج الأمواج , وهي تصب الدمار على
المباني والمحاصيل ...
ولذلك عندما كان المالك يجري مقابلات لاٍختيار متقدمين
للعمل ، كان يصطدم في النهاية برفضهم التام العمل لديه .
وأخيرًا اقترب رجل قصير ونحيف ، متوسط العمر للمالك.
فقال له المالك :" هل أنت يد عاملة جيدة في مجال الزراعة ؟
فأجاب الرجل نحيف الجسم قائلا : " نعم , فأنا الذي ينام حين تعصف الرياح ! "
ومع أنّ مالك المزرعة تحيّر من هذه الإجابة إلا أنه قبِّلَ أن
يعينه بسبب شدة يأسه من وجود عمال آخرين يقبلون العمل في مزرعته ..
أخذ الرجل النحيف يعمل بجد ونشاط في المزرعة ، وكان
طيلة الوقت مشغولاً من الفجر وحتى غروب الشمس،
وأحس المالك بالرضا عن عمل الرجل النحيف .
وفي إحدى الليالي عصفت الرياح بل زمجرت عالياً من ناحية
الشاطئ، فقفز المالك منزعجًا من الفراش، ثم أخذ بطارية
وأندفع بسرعة إلى الحجرة التي ينام فيها الرجل النحيف
الذي عيّنه للعمل عنده في المزرعة ثمّ راح يهزّ
الرجل النحيف وهو يصرخ بصوت عالٍ :" اٍستيقظ فهناك
عاصفة آتية .. قم وثبِّت كل شيء واربطه قبل أن تطيّره الرياح " .
إستدار الرجل صغير الحجم مبتعداً في فراشه وقال في
حزم :" لا يا سيّدي فقد سبق وقلت لك أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح ! "
إستشاط المالك غضبًا من ردة فعل الرجل، و خطر له أن
يطلق عليه النار في التو و اللحظة ، ولكنه بدلاً من أن يضيع
الوقته خرج عاجلا خارج المنزل ليستعد لمجابهة العاصفة .
ويا لدهشته اٍكتشف أن كل الحظائر مغطاة بمشمّعات
ومثبته جيداً ..والبقر في الحظيرة ، والطيور في أعشاشها ،
والأبواب عليها أسياخ حديدية وجميع النوافذ محكمة الإغلاق ،
وكل شيء مربوط جيداً ولا شيء يمكن أن يطير أو تخترقه
الرياح ...
وحينذاك فهم المالك ما الذي كان يعنيه الرجل العامل لديه ،
وعاد هو نفسه إلى فراشه لينام قرير العين بينما الرياح تعصف في الخارج .
تعليق:
لقد تمكن الأجير أن ينام لأنه كان قد أمّن المزرعة جيداً.
ونحن يمكننا أن نؤمِّن حياتنا ضد عواصف الحياة ..
بربط نفوسنا بقوة بتقوى الله جل شأنه ..
أنك حينما تستعد جيداً فليس هناك ما تخشاه
هل يمكنك يا أخي أن تنام بينما رياح الحياة تعصف من حولك ؟!
اللهـــم لك الحمــد كمـا ينبغـي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
المفضلات