كلام نفيس لشيخ الإسلام بن تيمية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – -:في قول الله تعالى:
{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}وفي قراءة ابن عباس حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : كان ابن عباس يقول : ( وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به )
قال شيخ الإسلام
جمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله تعالى يكون :
[وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ]، ويبتدأ بـ [وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ]
وهذا هو المأثور عن أبى بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم.
وروى عن ابن عباس أنه قال: التفسير على أربعة أوجه:
1. تفسير تعرفه العرب من كلامها
2. وتفسير لا يعذر أحد بجهالته
3. وتفسير تعلمه العلماء
4. وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب
وبين شيخ الإسلام بن تيمية أن التأويل يأتي على معان:
1- يأتي بمعنى التفسير وهذا الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله- من المصنفين في التفسير- واختلف علماء التأويل ومجاهد إمام المفسرين قال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به وعلى تفسيره يعتمد الشافعي وأحمد والبخاري وغيرهما فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره.
2- ويأتي بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال الله تعالى: [هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ][الأعراف: 53]، فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون: من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحر ذلك كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته قال: [يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ][يوسف: 100] فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا
3- ويأتي بمعنى تفسير الكلام وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله، وهذا ( التأويل الثالث ) هو عين ما هو موجود في الخارج ومنه قول عائشة : ( كان النبي يقول: في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى ) يتأول القرآن [متفق عليه] يعنى قوله: [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ]وقول سفيان بن عيينة: السنة هي تأويل الأمر والنهي، فإن نفس الفعل المأمور به: هو تأويل الأمر به ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وأمر. (1)
1) مجموع فتاوى ابن تيمية
المفضلات