قالت منظمة حقوقية إن وزارة الداخلية المصرية تشن حملة ضد مرشحي اليسار في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 28 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، واعتبرت أن الحملة تستهدف إضعاف منافسين محتملين للحزب الوطني الحاكم الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك.
وخلافا للشكاوى المعتادة من قبل مرشحي التيار الإسلامي والمستقلين بالتضييق على حملاتهم الانتخابية، قالت الشبكة العربية لحقوق الإنسان إن أجهزة الأمن في محافظتيْ القاهرة والإسماعيلية اعتقلت عددا من أنصار مرشحين يساريين في دائرتين يتنافس عليهما أيضا مرشحان للحزب الحاكم، وذلك أثناء توزيع بيانات ووضع ملصقات انتخابية للمرشحين.
وانتقدت الشبكة -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة- تذرع أجهزة الأمن بعدم الإعلان رسميا عن بدء الدعاية الانتخابية لاعتقالهم، "في الوقت الذي تمتلئ فيه شوارع القاهرة والمحافظات بملصقات داعمة لمرشحي الحزب الوطني الحاكم، دون أن تتخذ الحكومة أي موقف مماثل".
تمثيل ضعيف
ويقول مراقبون إن مرشحي اليسار لا يمثلون عادة منافسا قويا في الانتخابات المصرية، إذ لا تزيد حصة التيار اليساري في الانتخابات عن مقعدين أو ثلاثة، من إجمالي عدد مقاعد مجلس الشعب البالغة 518 مقعدا.
بيد أن مراقبين آخرين يرون أن التوقعات السائدة بتقليص حصة الإخوان المسلمين بنسبة 20% في البرلمان القادم ستشعل المنافسة الانتخابية، وستمكن أحزابا يسارية كالتجمع الذي دخل الانتخابات بـ74 مرشحا من الحصول على مقاعد أكثر.
الإخوان سبق أن اتهموا أجهزة الأمن المصرية بوضع القيود أمام مرشحيهم (الجزيرة-أرشيف)
واعتقلت الشرطة 6 من أنصار مرشح اليسار على مقعد الفئات في دائرة حدائق القبة بالقاهرة طارق العوضي -بينهم نجله- بسبب توزيعهم بيانا انتخابيا يحث المواطنين على دعم مرشح اليسار في الدائرة، ولم يفرج عن المعتقلين إلا بعد تدخل المرشح، وهو محام وعضو بارز في نقابة المحامين.
كما ألقت أجهزة الأمن القبض على 5 من أنصار مرشح حزب التجمع اليساري على مقعد العمال بإحدى دوائر مدينة الإسماعيلية أيمن جلال، لقيامهم بتوزيع بيان يحمل اسمه ويحثهم على دعم المعارضة من أجل إصلاح ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.
وقال المرشح جلال إن الحملة تستهدف اليسار تحديدا باعتبار أن السلطات الأمنية سمحت لأحزاب أخرى بتوزيع دعايتها الانتخابية في المحافظة.
انتهاكات حقوقية
واتهم المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد الداخلية المصرية بأنها "مستمرة في تحيزها الواضح وغير الشرعي للحزب الوطني الحاكم"، مستنكرا الحملة الأمنية ضد "المطالبين بالإصلاح الديمقراطي بسبب قيامهم بوضع ملصقات تطالب بالإصلاح وتناهض التوريث، في الوقت الذي كانت فيه الملصقات المؤيدة لترشيح جمال مبارك نجل الرئيس تملأ الشوارع دون أن تحرك الوزارة ساكنا".
وأضاف عيد للجزيرة نت أن الحكومة المصرية لم تدع أي مساحة يمكن للمواطنين وأحزاب المعارضة التعبير عن آرائهم من خلالها، وأنه في ظل التضييق الأمني الشديد على الحريات العامة، اعتادت أحزاب المعارضة انتظار موسم الانتخابات حتى تتاح لهم فرصة لعرض برامجهم على المواطنين، إلا أن وزارة الداخلية لم تدعهم حتى يستغلوا تلك الفرصة فقامت باعتقالهم.
الإصلاح السياسي في مصر.. الطريق الوعر
واختتم عيد حديثه بالإشارة إلى أنه يتوجب على الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات إيجابية ضد "هذا التحيز البوليسي الفج من قبل وزارة الداخلية"، معتبرا أنه "إذا كان يتوجب على مرشحي المعارضة الالتزام بمواعيد الدعاية الانتخابية، فعلى الحزب الحاكم أن يلتزم أولا أو يحاسب مرشحيه أولا، لاسيما أن تلك الانتهاكات ليست الأولى التي ترتكبها الداخلية ضد المعارضة قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية".
وذكر الناشط الحقوقي بتعرض مرشحي الإخوان المسلمين ونشطاء القوى السياسية المعارضة لملاحقات واعتقالات مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي تعقبها الانتخابات الرئاسية بنحو عام، وقال "سبق أن اتخذت الداخلية المصرية إجراءات أكثر تعسفا ضد جماعة الإخوان المسلمين، والجمعية الوطنية للتغير -التي أسسها محمد البرادعي- ولم تدع لنا أي أمل في انتخابات نزيهة تعبر عن اختيارات المواطنين الحقيقية".
المصدر: الجزيرة
المفضلات