الزواج سنه الانبياء والمرسلين
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...وبعد
الزواج سنة الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية [الرعد: 38] .
وهو سبيل المؤمنين، استجابة لأمر الله سبحانه: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم. وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنهم الله من فضله [النور: 32-33].
فهذا أمرٌ من الله عز شأنه للأولياء بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامي -جمع أيم- وهم من لا أزواج لهم من رجال ونساء، وهو من باب أولى أمر لهم بإنكاح أنفسهم طلباً للعفة والصيانة من الفاحشة .
واستجابة لأمر رسول الله فيما رواه ابن مسعود أن رسول الله قال: (( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء )) متفق على صحته.
والزواج تلبية لما في النوعين: الرجل والمرأة من غريزة النكاح -الغريزة الجنسية- بطريق نظيف مثمر .
ولهذه المعاني وغيرها لا يختلف المسلمون في مشروعية الزواج، وأن الأصل فيه الوجوب لمن خاف على نفسه العنت والوقوع في الفاحشة، لا سيما مع رقة الدين، وكثرة المغريات، إذ العبد ملزم بإعفاف نفسه، وصرفها عن الحرام، وطريق ذلك: الزواج.
ولذا استحب العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه إصابة السنة، وصيانة دينه وعرضه، ولهذا نهى الله سبحانه عن العَضْلِ، وهو: منع المرأة من الزواج، قال الله تعالى: ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن [البقرة: 232] .
ولهذا أيضاً عظَّم الله سبحانه شأن الزواج، وسَمَّى عقده: ميثاقاً غليظاً في قوله تعالى: وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً [النساء: 21] .
وانظر إلى نضارة هذه التسمية لعقد النكاح، كيف تأخذ بمجامع القلوب، وتحيطه بالحرمة والرعاية، فهل يبتعد المسلمون عن اللقب الكنسي (العقد المقدس) الوافد إلى كثير من بلاد المسلمين في غمرة اتباع سَنَن الذين كفروا ؟!!
فالزواج صلة شرعية تُبْرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه وأركانه المعتبرة شرعاً، ولأهميته قَدَّمه أكثر المحدِّثين والفقهاء على الجهاد، ولأن الجهاد لا يكون إلا بالرجال، ولا طريق له إلا بالزواج، وهو يمثل مقاماً أعلى في إقامة الحياة واستقامتها، لما ينطوي عليه من المصالح العظيمة، والحكم الكثيرة، والمقاصد الشريفة، منها :
1 ـ حفظ النسل وتوالد النوع الإنساني جيلاً بعد جيل، لتكوين المجتمع البشري، لإقامة الشريعة وإعلاء الدين، وعمارة الكون، وإصلاح الأرض، قال الله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً الآية [النساء: 1] ، وقال الله تعالى: وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً [الفرقان: 54].
أي: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الآدمي من ماء مهين، ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم أنساباً وأصهاراً متفرقين ومجتمعين، والمادة كلها من ذلك الماء المهين، فسبحان الله القادر البصير .
ولذا حثَّ النبي على تكثير الزواج، فعن أنس أن رسول الله قال: (( تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة )) رواه الإمام أحمد في مسنده.
وهذا يرشح الأصل المتقدم للفضيلة: (( القرار في البيوت )) لأن تكثير النسل غير مقصود لذاته، ولكن المقصود -مع تكثيره- صلاحه واستقامته وتربيته وتنشئته، ليكون صالحاً مصلحاً في أمته وقُرَّة عين لوالديه، وذِكراً طيباً لهما بعد وفاتهما، وهذا لا يأتي من الخراجة الولاجة، المصروفة عن وظيفتها الحياتية في البيت، وعلى والده الكسب والإنفاق لرعايته، وهذا من أسباب الفروق بين الرجل والمرأة .
2 ـ حفظ العرض، وصيانة الفرج، وتحصيل الإحصان، والتحلي بفضيلة العفاف عن الفواحش والآثام .
وهذا المقصد يقتضي تحريم الزنى ووسائله من التبرج والاختلاط والنظر، ويقتضي الغيرة على المحارم من الانتهاك، وتوفير سياجات لمنع النفوذ إليها، ومن أهمها: ضرب الحجاب على النساء، فانظر كيف انتظم هذان المقصدان العمل على توفير أصول الفضيلة -كما تقدم- .
3 ـ تحقيق مقاصد الزواج الأخرى:
من وجود سكن يطمئن فيه الزوج من الكدر والشقاء، والزوجة من عناء الكد والكسب: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف [البقرة: 228] .
فانظر كيف تتم صلة ضعف النساء بقوة الرجال، فيتكامل الجنسان .
والزواج من أسباب الغنى ودفع الفقر والفاقة، قال الله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم [النور: 32] .
والزواج يرفع كل واحد منهما من عيشه البطالة والفتنة إلى معاش الجد والعفة، ويتم قضاء الوطر واللذة والاستمتاع بطريقه المشروع: الزواج .
وبالزواج يستكمل كل من الزوجين خصائصه، وبخاصة استكمال الرجل رجولته لمواجهة الحياة وتحمل المسؤولية .
وبالزواج تنشأ علاقة بين الزوجين مبنية على المودة والرحمة والعطف والتعاون، قال الله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون [الروم: 21].
وبالزواج تمتد الحياة موصولة بالأسر الأخرى من القرابات والأصهار، مما يكون له بالغ الأثر في التناصر والترابط وتبادل المنافع .
إلى آخر ما هنالك من المصالح التي تكثر بكثرة الزواج، وتقل بقلته، وتفقد بفقده.
وبالوقوف على مقاصد الزواج ، تعرف مضار الانصراف عنه؛ من انقراض النسل، وانطفاء مصابيح الحياة، وخراب الديار، وقبض العفة والعفاف، وسوء المنقلب.
ومن أقوى العلل للإعراض عن الزواج: ضعف التربية الدينية في نفوس الناشئة، فإن تقويتها بالإيمان يكسبها العفة والتصون، فيجمع المرء جهده لإحصان نفسه ومن يتق الله يجعل له مخرجاً [الطلاق: 2] .
ومن أقوى العلل للإعراض عن الزواج: تفشي أوبئة السفور والتبرج والاختلاط؛ لأن العفيف يخاف من زوجة تستخف بالعفاف والصيانة، والفاجر يجد سبيلاً محرماً لقضاء وطره، متقلباً في بيوت الدعارة.
نعوذ بالله من سوء المنقلب .
فواجب لمكافحة الإعراض عن الزواج: مكافحة السفور والتبرج والاختلاط، وبهذا يُعلم انتظام الزواج لأصول الفضيلة المتقدمة
كيف يكون الزواج الصحيح .
- الاحتساب في اختيار الزوج أو الزوجة المناسبة و فترة الخطوبة.
2- الاحتساب في الزواج و إنجاب الأبناء.
* الإحتساب فى إختيار الزوج أو الزوجة الصالحة:
- لماذا تتزوج؟؟.......لماذا تتزوجي؟؟
لا تتعجب من سؤالي فقد تعودنا أن كل الناس تتزوج!!!
و لكن لم نفكر لم نتزوج؟؟ و كيف نجعل الزواج عبادة نؤجر على كل لحظة فيها؟؟؟
كيف تحول زواجك إلى عبادة تتقرب بها إلى الله سبحانه و تعالى؟؟؟
أليس الله هو خالقنا و بارئنا و مدبر أمرنا من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض و من عليها؟؟
أليس هو أعلم بما يفرحنا و يتعسنا و الصالح و الطالح من أمورنا و شئون حياتنا؟؟
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ). صحيح البخاري الجامع الصحيح.-
وقال صلوات ربى و تسليماته عليه: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه ؛ فأنكحوه ؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير، قالوا يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟! قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه - ثلاث مرات )
و معنى كلام الحبيب أن المرأة ترغب لأكثر من سبب و لكن ذا الهمة العالية لا يتزوج من أجل دنيا!!!
- أحدكم يقول إذن لم نتزوج؟؟ أيتزوج أحدنا من أجل الآخرة؟؟
وأقول له نعم.. الكثيرين بنعمة الله و فضله تزوجوا ليرضوا الله و ليس من أجل سعادة شخصية أو دنيوية!!
كيف؟؟؟
الحياة الدنيا ما هي في يوم القيامة الذي هو خمسون ألف سنة إلا ساعة..
وما الدنيا في الجنة الخالدة إلا لحظة فما بال من ضيع آخرته الخالدة من أجل لحظة!!!
أين عقلك؟؟.. أين قلبك؟؟.. أين دينك؟؟.. أين حب ربك.. بارئك ..رازقك.. مدبر أمرك من حساباتك العظيمة في الدنيا؟؟؟
الكثير منا يخطط بدقة شديدة لكل خطوة في حياته الدنيا و نادراً ما نجد من يخطط لإقامته في الجنة خلوداً لا ملل فيه و لا لغو و لا رتابة..
من منا يفكر أن يكون له أكثر من بيت في الجنة ينتقل بينهم كيف يشاء و ذلك بالقيام بعبادة بسيطة وهي صلاة 12 ركعة تطوعاً كل يوم ( السنن الرواتب ) تخيل بيت في الجنة كل يوم..
فما رأيكم فيمن يفكر في الزوجة التي سترافقه في الجنة و يدقق اختيارها على أساس الدين و الخلق، ستكون أجمل من الحوريات لطاعتها لربها وصومها وقيامها وطاعتها لزوجها.
- أليس عنده حق من يدقق اختيار الزوجة الصالحة؟؟
- أليس عندها حق أن تدقق إختيار الزوج الذى سيقربها إلى الله و تدخل معه الجنة زوجين خالدين إلى أبد الآبدين؟؟
لقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة ) صحيح -
إن الدنيا اختبار لك ولها... الاختبار معروف ....الأسئلة والأجوبة معروفة مسبقاً....تخيلوا معي أهناك أسهل من هذا الإختبار؟؟؟
بل والاستعانة بقريب أو صديق متاح... يا الله ما أيسر اختبارك ..
ومع هذا سيرسب الكثيرين!!!..
والذكي و المجتهد هو الذي يتخذ شريكة مجتهدة تيسر عليه النجاح في الاختبار وتعينه على طاعته سبحانه وتعالى بل وتبنوا بيتكم في الجنة بأعمالكم طوبة طوبة كما يقول في المثل الشائع.
- قال الله تعالى: ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ).
تذكروا الله سوياً فتكون لك نخلة في حديقة بيتكم في جنة عدن و لكن انتظر نخل الجنة خير من الدنيا و ما عليها فكم نخلة تريد؟؟؟
وما نوع الفواكه التي تريد أن تملأ حديقتك؟؟ وأي اللحوم تفضل؟؟
أسئلة كثيرة فملذات الجنة لا تعد و لا تحصى ..
* فكيف تحتسب فترة إختيار الزوج أو الزوجة الصالحين؟؟؟
1- احتسب أنك تتزوج لإرضاء الله، أن تبنى بيتاً مسلماً تقيم فيه شعائر وشرائع الله، أن تنجب أطفالاً مسلمين يوحدوا الصف المسلم ويرفعوا إسم الله عالياً خفاقاً، احتسب أن تنجب من مثل صلاح الدين في شجاعته وإقدامه ونشره لدين الله أو السيدة فاطمة الزهراء عقلها و ورعها أو سيدنا يوسف في عفته أو السيدة مريم في عبادتها لله.
2- احتسبي أن تصلحي دين إنسان مسلم بعفته في بيت مسلم يرضى الله عنه.
3- احتسبا الاستعانة ببعضكما على طاعة الله في الذكر ..في الصلاة .. في الصيام .. في الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر.
4- احتسبا أن تكونا ضمن قافلة الغرباء في زمن كثرت فيه الفتن فكونا لبعضكما مغاليق لأبواب الشيطان، وقَافين عند حدود الله.
5- احتسب الإلتزام بالضوابط الشرعية من عدم الإنفراد بالخطيبة بدون محرم حتى يبارك الله ذلك الزواج و يرضى عن هذا البيت المسلم.. فما رأيك في بيت أسس على رضوان من الله، أهو أفضل أم بيت بداء بعصيان و خرق لحدود الله!!!
- حديث جابر مرفوعا قال صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها ، فإن ثالثهما الشيطان ). صحيح – الألباني.
6- احتسب و احتسبي في معاملة أهل الخطيب أو الخطيبة معاملة حسنة فهم الذين قاموا بتربته أو تربتها على الدين و الخلق الحسن، فهي صلة رحم أظنك لا تقطعها و لا تقطعيها.
7- احتسب في عدم الخوض مع الخائضين من شباب هذا الزمن الذين يقيمون حفلات خطوبة لا تخلى من الغناء و المجون و الخلاعة و الرقص.. اتقوا الله في بيتكم الذي تتمنوا أن يرضى الله عنه و يبدأ برزق حسن، احتسبوا ألا تنفقوا أموالكم في ما يغضب الله.
- قال الله تعالى: ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ).
تذكر أخي و أختي سوف تسألون عن مالك فيم أنفقته ضمن أسئلة الرحمن لك يوم القيامة فاحتسب عند قيامك بحفلة إسلامية خالية من المعاصي و الموبقات أن تنجح في الإجابة على هذا السؤال.
8- احتسبي في معاملة الخطيب كأجنبي لا يصح و لا يجوز فعل ما يسمونه عرف من قيام الخطيب بوضع خاتم الخطبة في إصبع الخطيبة و ما في هذا من خطأ شرعي.
- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) صحيح الجامع.
9- احتسبا إقناع أهلكما بالتي هي أحسن بهذه الخطوات الشرعية لكونهما لم يتعودا تغيير التقاليد المتعارف عليها و قولا لهم الله ورسوله أولى أن يطاع وأحتسب أن أظفر بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الفعل لإتباعي سنته، أهلنا يحتاجوا منا أن نذكرهم فقط ففيهم الخير بإذن الله.
10- احتسب أن تكون قدوة لكل من يعرف بسنتك الحسنة التي أحييتها بقدرة الله وفضله عليك وأن يقتدوا بك ويقلدوك وتثاب مثل ثوابهم لا ينقص من ثوابهم
لا ينقص من ثوابهم شيئاً.
- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( من سن سنة حسنة فعمل بها بعده كان له أجره ومثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزره ومثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا ) صحيح ابن ماجه.
11- تعودي مع خطيبك على ورد من القرآن أو السنة أو السيرة أو مسالة فقه أو الرقائق أو أي من أطايب علوم الإسلام التي تقرب من الرحمن وترضيه عنكما أن يؤدم بينكما و يبارك في بيتكما، احتسبا أن يكون لقائكما في وجود محرم في مرضاة الله و ليس في سخطه.
12- احتسب بداية حياتك الزوجية التي ستنتهي بإذن الله بالجنة سوياً برضا الله و ذلك بالتصدق عند بداية الزواج .. أو القيام بعمرة أو حجة حسب المقدرة .. فأبواب الخير كثيرة.
المفضلات