المحاربون القدامى يتحدثون عن بطولات الجيش العربي في حرب 1948
السوسنة
محاربون قدامى ، اصابتهم رصاصات العدو وهم يدافعون عن ثرى فلسطين والقدس ، نثروا التراب الخالد فوق جثامين شهداء كانوا معهم على ارض المعركة من الجيش العربي والمناضلين .
جمعتهم ارض المعركة ، قاتلوا بشرف واستبسال لتلتئم جراح الجسد ويبقى جرح ضياع فلسطين عميقا عمره اثنان وستون عاما .
يتذكر المحاربون الخامس عشر من ايار عام 1948 حين كان الجيش العربي اول الجيوش العربية التي تهب للدفاع عن فلسطين ويشهد تراب القدس العتيقة وباب الواد واللطرون على بطولاتهم ، احياء ما زالوا بيننا يتردد في سمعهم صدى صلاة الغائب في ارض المعركة.
" كان من الطبيعي ان يستمد الجيش العربي قوته وبسالته من عقيدته وايمانه بدينه وعروبته وكان معظم من شاركوا في حرب 1948 من الجيوش العربية شبانا تنقصهم الخبرة " يقول العميد المتقاعد العيط مطر احد المحاربين في معركة القدس .
يتذكر العميد المتقاعد مطر اول معركة شارك فيها حين كان في سرية المدرعات في الكتيبة الثالثة التابعة للجيش العربي حيث دخلت القوات الاردنية القدس في التاسع عشر من ايار بتعزيز من الكتيبة الثانية التي وصلت الى هداسا والجامعة العبرية ورفع اليهود الاعلام البيضاء لتصل الاوامر بالانسحاب منها لانها مراكز علم وطب وليست هدفا عسكريا .
وفي منطقة الشيخ جراح يتابع : كانت الكتيبة الثانية مرابطة فيها الى ان تسلمتها الكتيبة الثالثة لتندلع معارك شرسة ،اصيب فيها الكثيرون من الجنود وكنت من بينهم لتستقر رصاصة في رقبتي واخرى في كتفي ، اسعفت الى المستشفى وبعد ايام خرجت منها على مسؤوليتي وعدت الى كتيبتي التي صمدت في مناطق بقيت عربية حتى حرب حزيران عام 1967 .
كانت معارك الشيخ جراح طاحنة يقول العميد المتقاعد مطر ، " وكنا ننظر باستهجان للضباط حين كانوا يطلبون منا ان نأخذ الارض ، كنا نرد عليهم لم نأت لنختبىء من اليهود جئنا لنحاربهم ، وفي ضمير كل واحد منا ان سقوط القدس يعني نهاية الحرب ، كان الهدف ان نطهر المدينة من اليهود وكانت سيطرة الجيش العربي على منطقة الشيخ جراح فرصة للاتصال باهالي المدينة القديمة وقطع الامداد اليهودي وتدمير الروح المعنوية لليهود " .
ويزيد : " قصفت المدفعية الاردنية مناطق القدس الغربية بوابل من القذائف وبقيت طلقات الرشاشات متواصلة ليل نهار وكانت المدافع متمركزة على المرتفعات الواقعة الى الشمال من القدس بما فيها التلة الفرنسية حتى تمكنت القوات الاردنية من طرد قوات (ارغون) اليهودية منها وعزل الحي اليهودي في القدس القديمة " .
ويقول : نحو الف شهيد وجريح من الجيش العربي رووا بدمائهم الزكية ارض القدس وبقيت الكتيبة الثالثة تحارب بتصميم واندفاع طوال ثلاثة ايام وفي المقابل فقد كانت خسائر العدو من الجنود ايضا كبيرة اضافة الى اسرى نقلوا الى معتقل ام الجمال في المفرق .
العميد الركن المتقاعد بادي عواد يتحدث فخورا عن الجيش العربي ويقول : الاردنيون عروبيون واسلاميون بالفطرة وكانوا ملاذا للثورات الفلسطينية منذ عشرينيات القرن الماضي ومنها ثورة عام 1936 ، حدثني احد المناضلين من زعماء منطقة الاغوار ان المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه كان يأتي في الليل ويوصيه على الثوار الذين كانوا يتصدون لجيش الانتداب البريطاني وكان جلالته اذا حضر على راحلته وعليها العلم الاحمر يعني انه عليهم تغيير مواقعهم الى جبال السلط , واذا كان العلم ابيض فمعنى ذلك ان معه ارزاقا وذخائر.
ويقول العميد المتقاعد عواد : قبل حرب عام 1948 كنت في منطقة الصرار وفيها ذخائر الجيش الانجليزي وكنا نمد الثوار بها وقبل انتهاء الانتداب في شهر آذار من العام ذاته جاءنا امر الانسحاب من الضفة الغربية لاعادة تنظيمنا والتهيؤ للحرب .
ويزيد : اسندت قيادة الجيوش العربية للمغفور له الملك عبدالله بن الحسين وقسمت المنطقة الى اربعة محاور : محور الشمال وفيه الجيش السوري وجيش الانقاذ الفلسطيني ومن المنطقة الشمالية الى رام الله الجيش العراقي ومن رام الله لبيت لحم الجيش الاردني ومن بيت لحم حتى غزة للجيش المصري .
ويقول : التقينا جلالة الملك عبدالله المؤسس قبل ان نتوجه غرب النهر وصلى معنا جلالته صلاة الغائب ، وتقدم الجيش العربي على ثلاثة محاور الاول باتجاه نابلس والقدس والثاني باتجاه القدس والثالث باتجاه بيت لحم , واخذت الجيوش العربية الاخرى مواقعها.
ويتابع العميد الركن المتقاعد عواد بدأت المعركة في القدس وتحديدا في منطقة الشيخ جراح بداية وكان المغفور له جلالة الملك طلال طيب الله ثراه وكان اميرا انذاك ، في منطقة الشيخ جراح يشرف على المعركة وكان سمو الامير نايف مع الكتيبة الثانية.
كان الجيش العربي يتألف من ثلاث كتائب فقط وتشكلت الكتيبة الرابعة فيما بعد بقيادة حابس المجالي التي حاربت في منطقة باب الواد وكان اخواننا في الحامية بقيادة عبدالله التل داخل اسوار القدس واستمرت المعارك الشرسة بيننا وبين اليهود الى ان رفعوا الاعلام البيضاء ، وفرضت علينا الهدنة الاولى .
وبعد نهاية الهدنة الاولى وقتل اليهود للكونت برنادوت وسيط الامم المتحدة للسلام في فلسطين تجدد القتال بيننا وبينهم واصبحت القدس مهددة بالسقوط كاملة حينها بعث المغفور له جلالة الملك عبدالله برقية الى كلوب قائد الجيش العربي آنذاك يقول فيها "استحلفك بالله وشرفك العسكري وشرف بريطانيا العظمى انه عندما تشعر ان القدس آلت الى السقوط بيد اليهود ان تخبرني كي آتي واقاتل واستشهد ولا اراها تسقط بام عيني " وعممت البرقية على كل قادة الوحدات في القدس وباب الواد وشهدت المدينة المقدسة آنذاك ثلاثة عشر هجوما بقيادة حابس المجالي .
وفقد الجيش العربي على اسوار القدس وفي ساحاتها اكثر من 600 بين شهيد وجريح ومن بينهم النقيب خالد خريشا وكان لي الشرف آنذاك انني كنت من بين الجرحى في معركة القدس حيث اصبت برأسي ونزفت دمائي قبل وصولي الى المستشفى في مدينة الزرقاء .
ومن بطولات الجيش العربي اننا بعد ان دخلنا القدس من باب العامود كنت على مدرعة في منطقة بالقرب من مستشفى (الهوس بيس) باتجاه باب العامود، وكنا اربعة , غازي الحربي ورخيص عايد وعبدالله الحربي وانا , واخترقت طلقة قدم عبدالله الحربي وما كان منه الا ان احضر علبة (منجرين) التي قام بغليها ووضع قدمه فيها وفقد وعيه لمدة ربع ساعة وبعد ان استيقظ حفر خندقا وعاد ليصطاد اليهود.
"بترا"
المفضلات