ألم يعلم السادة أبو مازن وأبو علاء «وأبو العربي» مسبقاً ان القوات الاسرائيلية تُعِدُّ لاجتياح غزة وحرقها؟ ألم يعلم هؤلاء أن القضاء على حماس ومعاقل قياداتها هو أحد أهداف اسرائيل؟ ألم يعط كبيرهم السيد أبو مازن الغطاء والمبرر والضوء الأخضر لإسرائيل بتصريحاته بوجود تنظيم القاعدة في غزة؟ لا أدري ماذا يفعل هؤلاء في السلطة، بل في فلسطين أصلاً، هل وعدهم الأمريكان والصهاينة بولاية عكا ويافا وحيفا؟ هل أبو مازن هو والي عكا في عصرنا هذا؟ أعتقد انه النسخة الحديثة لوالي عكا - الحروب الصليبية -، تشابهت قلوبهم وصفاتهم.
إن ما يفعله هؤلاء وغيرهم في السلطة الفلسطينية لخيانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا أعتقد ان التاريخ سيحاسبهم لأنهم ثلة كثرة من خائنة لدينهم وعروبتهم وربهم، وما أضحكني كثيراً أثناء المحرقة حينما شاهدت هذا الفياض - رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي - وهو يتبرع بدمه في إحدى حافلات التبرع بالدم لصالح جرحى غزة... ضحكت لأني أعرف ان الدم الغزاوي الذي سال على ساحة القتال وتحت القصف الوحشي الإسرائيل ليس كدم فياض، الأول دم شهيد والآخر دَمٌ كذب. أيعطي فياض دمه لمن أهدر دماءهم؟ أهكذا يمشي القاتل في جنازة المقتول؟!
لقد صرح السيد صائب عريقات أن الرئيس الملهم محمود عباس طالب المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والعرب بوقف الاعتداءات، ولكن سيادته لعلو شأنه وسمو مكانته «لم يجد آذاناً صاغية» وجدها صماء! الصم خير من الخيانة، والعمى خير من النظر لما حدث ويحدث وسيحدث - بعلم سيادته - لغزة. لماذا ناشد السيد الرئيس كل هذه الجهات ولم يخاطب رئيس الوزراء الإسرائيي في أحد جلسات سمرهم؟ أليسا أصدقاء ورفقاء درب؟ أليسا شريكي سلام ومفاوضات لفك معاناة الشعب الفلسطيني؟ كما اسلفت في مقالة سابقة ان السيد محمد عباس «رئيس فلسطين الشرعي المنتخب» بصدد تسلم مبلغ قدره مائة وخمسون مليون دولار من الولايات المتحدة، ومنذ ما يقرب من شهر أقرت الدول المانحة في مؤتمر لها منح السلطة الفلسطينية ما يفوق سبع مليارات دولار أمريكي معونة أو منحة للشعب الفلسطيني، فكيف يرفع الرجل عينيه في وجه هؤلاء ويدين أو يشجب أو حتى يعترض على ما تفعله اسرائيل بشعبه؟ لقد قبض الثمن من قبل، ومن بعد، أي إن خرج خروجاً مطلقاً من نطاق مقاومة اسرائيل ولو بالمفاوضات، ولهذا استخفت اسرائيل بتصريحاته «تعليق» المفاوضات حتى تتوقف عن حرق غزة وأعلنت استمرار عملياتها الإبادية، وهناك مراحل قادمة للعمليات قد تستهدفه هو شخصياً، إن عمر الخائن وإن طال قصير... وتاريخه وإن زاد حقير والخيانة سيف على رقبة الخائن يقطعها سيده حينما يشاء.
توقعت اثناء هذه المحرقة ان ينتفض السيد عباس ومعاونوه لدعوة مجلس الأمن لجلسة طارئة تليق وبشاعة الحدث وان يلقي خطاباً في أروقته يطالب فيه بتدخل دولي عاجل لوقف قتل الأطفال والنساء والشيوخ لشعب استودعه أمانة حريته وكرامته وعزته، ولكن اكتفى بالتنديد، وتعليق المفاوضات مع اسرائيل ومع الجهود العربية الضيئلة لوقف المجزرة، إلا أن مجلس الأمن رفض إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، يا سيد عباس، أيها المناضل الهمام، ان لم تستطع، ولن تستطيع، ايقاف المجازر الإسرائيلية فلا تعرقل حق الشعب الفلسطيني بكل فصائله المخلصة في المقاومة، لأن موقفك حقاً حرج فأنت بين نار المحرقة الاسرائيلية وبركان المقاومة، فاختر بأيهما تُحْرَقْ!
المفضلات