رويدا السقاف،نيوزيمن، نقلا عن الراية القطرية
حذّر الدكتور ياسين سعيد نعمان الرئيس الدوري لتكتل المعارضة في اليمن من أن جنوب البلاد، قد ينفصل عن شماله إذا استمر نظام حكم الرئيس على عبدالله صالح، كما حذّر من أن الإيغال في العنف يُعقّد الأزمة اليمنية أكثر مما هي معقدة الآن.
وقال نعمان في حوار مع " الراية ": إن اليمنيين سيكونون أكثر قدرة على حل مشكلاتهم الاقتصادية ومعالجة الأوضاع في صعدة وحل القضية الجنوبية في حال رحيل النظام، وشدّد على النظام الاتحادي سيشكل مخرجاً للأزمة القائمة في إدارة شؤون البلاد، كما تحدّث عن رؤيته للخروج من الأزمة التي يعيشها اليمن في الوقت الراهن ورؤية المعارضة للدولة المنشودة التي تحقق تطلعات اليمنيين.
هل لك أن تقول لنا إلى أين تتجه الأزمة في اليمن؟
سأجيب عن هذا السؤال من منطلق ما أرغب فيه، ولا أريد أن أدخل في خيارات أخرى على الأقل في اللحظة الراهنة.جميعنا يرغب أن تتجه هذه الأزمة إلى إخراج اليمن من النظام الحالي ومأزق السلطة الحالية التي أوصلتنا إلى هذا الوضع، وكل الشواهد تدلّ على أن هناك إجماعاً بين كل القوى السياسية والشعبية على ضرورة التغيير في اليمن. هذا المسار نرجو أن يتحقق بشكل سلمي وعلى قاعدة خيارات الشعب. المشهد اليوم يدلّ على أن النظام ما زال يمانع ويستخدم أداتين في الممانعة، وهما المناورة السياسية والعنف، وهي أدوات تقليدية لهذا النظام وسبق أن استخدمها في محطات مختلفة، وكل ما نتمناه الآن هو أن يتوقف العنف عند هذا الحد الذي استخدمه النظام ولا يزيد عليه، لأن أي إيغال في استخدام المزيد من العنف سيعقد الأمور بشكل أكبر.
لكن هناك مخاوف من انفصال الجنوب في حال سقط نظام الحكم كيف ترى الأمر؟
أنا أرى عكس ذلك، أنا أرى أن الجنوب سينفصل في ظل بقاء هذا النظام، إذا استمرّ بسياساته التي اتبعها الفترة الماضية، هذا النظام هو الذي أوصل الناس في الجنوب إلى مطالب الانفصال، ولذلك فإن التغيير الذي ينشده الناس اليوم على قاعدة بناء الدولة اللا مركزية، دولة المواطنة لكل أبناء اليمن، أعتقد بأنه سيوفر شروط ضرورية مناسبة لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وتكون مرضية لهم على الأقل.
إذاً إلى أي مدى يمكن القول إن اليمن في حال رحيل صالح سيتجاوز مشكلة بناء الدولة الحديثة؟
أريد أن أتحدّث أولاً عن رحيل النظام السياسي الحالي الذي أورثنا مشكلات عديدة اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية، حروب في صعدة ووضع غير عادي في الجنوب بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الهش. كل هذه الأمور أربكت اليمن في ظل هذا النظام الذي أصبح غير قادر على إنتاج أي حل لهذه الأسئلة، وكذلك بالتأكيد إيجاد نظام سياسي جديد يستلهم برامجه من خيارات الناس في الشارع.. أنا أعتقد بأنه سيكون أكثر قدرة على حل مشاكل اليمن كلها حل عادل لصالح الناس. الدولة الحديثة أي الدولة المدنية، دولة المواطنة هي المطلب الشعبي العام اليوم والقاسم المشترك بين كل القوى.
إذا ما افترضنا أن المعارضة تسلمت الحكم هل بإمكانكم مواجهة المشكلة الاقتصادية الصعبة والتحديات الأمنية خصوصاً مع تنظيم القاعدة؟
ــ لا شك أن اليمن اليوم تعيش في مشاكل كبيرة، هناك مشاكل اقتصادية ومالية في غاية الخطورة ومن ضمنها البطالة بين الشباب وهي أخطر لغم يمكن أن يواجهه النظام القادم.. هناك مشكلة الحروب السابقة وآثارها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. هناك مشكلة الإرهاب بالصيغة التي جرى توظيفها.
هذه الأمور ستكون أمام أي قيادة سياسية تأتي في المرحلة المقبلة، ولكن بتقديري أن بناء السلطة على قاعدة الديمقراطية وتفاعل حقيقي من قبل الشعب في مختلف الجمهورية، وستكون عاملاً مساعداً لوضع برنامج له أولويات، ولا أستهين بهذه المصاعب ولكن اليمن قادرة على مواجهة هذه الصعوبات بتعبئة كل طاقاتها. لقد أكل الفساد الجزء الأكبر من مقدّرات هذا البلد والجزء الآخر ذهب لشراء الموالاة السياسية والحروب.
هناك مشكلة عميقة بين جماعة الحوثي وتجمع الإصلاح، كيف لكم التغلب على هذه المشكلة في حال تسلّمت المعارضة السلطة؟
المشكلات في هذه البلاد كبيرة، والأطراف السياسية اليوم ليست متمسكة بثقافتها الأيديولوجية التي ظلّت واحدة من العقبات التي تواجه المشاركة السياسية لمختلف القوى، تجربتنا في المشترك تجربة طيبة في تخطي العقبات الأيديولوجية إلى ما يمكن أن نعتبره إيجاد صيغة سياسية للتفاهم بين كل القوى، وأنا أعتقد بأن المشكلة ليست بالعمق الذي يتحدّث به البعض لو أن هناك دولة وطنية يشعر الجميع بالانتماء إليها بمساواة وعدل، في ظل غياب الدولة كل طرف يريد أن يُوجد لنفسه حاضناً خاصاً يحميه، لكن عندما توجد دولة وطنية تحمي الجميع بمعتقداتهم المختلفة وأفكارهم وخياراتهم تكون الدولة هي الضامن الحقيقي لأمن الناس ولاستقرارهم والضامن الحقيقي لخياراتهم، وسيكونون غير محتاجين لإنشاء ضمانات خاصة بهم، إذاً علينا بناء الدولة الوطنية. وإذا أوجدنا دولة المواطنة فستكون هذه الدولة ضامنة للجميع.
فيما يخص المشكلة في الجنوب، هل يكفي القول إن نظام الأقاليم سيؤدي إلى حل هذه المشكلة؟
إن نظام الأقاليم بالصيغة العامة التي تطرح الآن وبدون الحديث عن الدولة اللا مركزية ليس له معنى، البعض يتحدّث عن دوله لا مركزية تتجه نحو منح الأقاليم صلاحيات في الشؤون الإدارية والمالية فإذا اقتصر الموضوع على هذا الأمر فلا أعتقد بأنه سيلبي حاجة إلى شراكة وطنية حقيقية.
اليمن تحتاج إلى إعادة بناء بشكل مختلف، وقناعتي أن اليمن يحتاج إلى نظام مختلف، يحتاج إلى دولة مركبة، دولة اتحادية والتي تضمن حقوق الناس بشكل كامل، بعدها يمكن أن نُسميها أقاليم أو أي شيء آخر، لكن علينا أن نناقش أولا ما هي طبيعة الدولة ونظامها، أما الحديث عن الأقاليم دون أن يتم تحدّد مضمون الدولة فلا أعتقد بأن له معنى.
والوضع في صعدة والجهود القطرية لإحلال السلام هناك، أين موقعها في هذه التطورات؟
أعتقد بأن دولة قطر قد بذلت جهود طيبة وتشكر عليها، وأثمرت هذه الجهود عن وقف الحرب السادسة إلى حدّ كبير، والأطراف المتنازعة تبادلت بعض الحلول، وكان هناك دور إيجابي لحكومة قطر، وكنت أحد الحاضرين في أحد الاجتماعات التي التقى فيها الطرفان بحضور لجنة الوساطة القطرية وكانت هناك نقاشات طيبة، هذه الجهود يمكن أن تستمر كون هناك تغيرات في اللحظة الراهنة حيث تكمن هذه التغيرات في الثورة الشعبية التي من شأنها أن تعيد بناء الدولة على قاعدة وطنية تتجاوز الإشكالات التي خلقها هذا النظام سواء في صعدة أو في الجنوب أو في كل مناطق اليمن.
المفضلات