يتفق سياسيون ومحللون في الأردن على أن البرلمان الذي سيولد اعتبارا من العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل سيواجه استحقاقات كبرى داخليا وخارجيا.
ويرى هؤلاء أنه في ظل غياب الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي) -التي توصف بأنها القوة المنظمة الأكبر في الأردن- تثار تساؤلات كبرى عن مدى قدرة مجلس النواب القادم على التصدي لاستحقاقات تتعلق بالقضية الفلسطينية وبالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
ويتوقع مراقبون ولادة ما وصفوه مجلس نواب خاليا بغالبيته من الدسم السياسي، باعتبار أن الانتخابات القادمة ستعرف مشاركة قوى حزبية غالبيتها محسوبة على القوى الوسطية المؤيدة للسياسات الرسمية وعشائر، إضافة لغالبية من المستقلين.
عريب الرنتاوي: ملفات العراق وإيران ولبنان تواجه البرلمان القادم
دور رقابي
ويرى المحلل السياسي عريب الرنتاوي أن المجلس المقبل "يواجه استحقاقات السنوات المقبلة التي ستحدد مصير القضية الفلسطينية والتأثيرات التي يمكن أن تتركها بشكل مباشر على الأردن".
وأشار الرنتاوي للجزيرة نت إلى حاجة الأردنيين "لبرلمان سياسي له دور رقابي كبير على السلطة التنفيذية ولا يكتفي دوره بالتشريع".
ويؤكد رسميون أردنيون أن ملفات حق العودة للاجئين وحدود الدولة الفلسطينية المقبلة والقدس والمياه لها ارتباط مباشر بالأردن ومصالحه الإستراتيجية.
ويلفت الرنتاوي إلى أن مجلس النواب المقبل يواجه تحديات الوضع العراقي المعقد والأسئلة التي تثار إزاء بقاء أو رحيل الاحتلال، إضافة لتطورات الملف النووي الإيراني واحتمالات شن إسرائيل حربا على إيران وتعقيدات الملف اللبناني وكلها على تماس مباشر بالأردن، على حد قول المحلل السياسي.
ولا يتوقع الرنتاوي ولادة برلمان قادر على التصدي لكل هذه التحديات الكبرى، وقال في هذا الصدد "باستثناء بعض مرشحي الأحزاب الذين تملك غالبيتهم فرصا ضئيلة للوصول للبرلمان فإن بقية المرشحين يرفعون شعارات تدعو للإحباط".
وأضاف "هناك غياب واضح للشعارات السياسية، وأعتقد أن وصول بعض المرشحين للبرلمان بناء على ما يرفعونه من شعارات سيشكل كارثة وطنية كبرى".
ولا يعفي المحلل السياسي الحكومة من المسؤولية في ذلك، وقال "لو جاءت الحكومة بقانون مغاير للقانون الحالي لشاهدنا برلمانا مختلفا وقادرا على مراقبة السياسات الرسمية والتصدي للاستحقاقات الكبرى".
غياب الجبهة
مروان الفاعوري يتوقع تبادل أدوار بين الجبهة الغائبة وتيارات أخرى
غير أن القيادي البارز في حزب الوسط الإسلامي مروان الفاعوري لا يرى أن غياب جبهة العمل الإسلامي عن البرلمان المقبل سيضعف مواجهته للاستحقاقات الكبرى، وخاصة ما يتعلق بمخاوف إيجاد أي حل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن.
وقال الفاعوري للجزيرة نت إن "حضور جبهة العمل الإسلامي في البرلمان كان إيجابيا ومفيدا فيما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية، غير أن هذه القضية تهم كل العرب والمسلمين ونتوقع أن يحدث تبادل أدوار بين الجبهة الغائبة عن البرلمان وتيارات أخرى لا تقل عنها حرصا على حل القضية بما يحقق أماني الشعب الفلسطيني ولا يكون على حساب الأردن".
ويذكر أن حزب الوسط الإسلامي أسس قبل سنوات من شخصيات استقلت عن جماعة الإخوان المسلمين وأخرى مستقلة، وينافس الحزب بقائمة تضم نحو عشرين مرشحا للانتخابات المقبلة.
تغول السلطة
ويرى الفاعوري أن "الأزمة الاقتصادية المزمنة وضرورة مواجهة الفساد والفاسدين وتقديم المسؤولين عن تزوير انتخابات 2007 للمحاكمة من أهم الملفات المطروحة أمام البرلمان المقبل".
غير أنه يقر بأن هذا البرلمان يواجه تحديا كبيرا يتمثل في نوعية النواب الذين سيصلون إليه وإمكانية تصديهم لما اعتبره تغول السلطة التنفيذية على الدور الدستوري للبرلمان، وقال إن "التحدي الأخطر أمامنا يتمثل في إعادة البرلمان لمكانته الحقيقية، ونخشى من عدم تمكنه من مواجهة هذا التحدي".
ويشار إلى أنه من بين 850 مرشحا للانتخابات الأردنية المقبلة لا تتجاوز نسبة المرشحين الحزبيين الذين أعلنوا برامج انتخابية واضحة 10%.
ويحذر محللون من نسخة جديدة من برلمان 2007 الذي قرر العاهل الأردني حله بعد عامين من ولايته التي تمتد لأربع سنوات إثر النقد الذي وجه له على خلفية تقارير شبه رسمية تحدثت عن عمليات تزوير واسعة شابت انتخاباته.
المصدر: الجزيرة
المفضلات