بمناسبة يوم الأشخاص أصحاب الإعاقات العالمي الذي يصادف الثالث من شهر كانون الأول في كل عام، تنشط العديد من المؤسسات والجمعيات في إطار التغيير الاجتماعي في مجتمعنا العربي بتنظيم فعاليات وأيام دراسية في موضوع التوعية من أجل الأشخاص أصحاب الإعاقات سعيا لتأمين مناليتهم في الدمج الاجتماعي والمهني في سوق العمل وتعتبر جمعية المنارة لدعم المكفوفين في المجتمع العربي احد ابرز الفاعلين في الساحة بهذا المضمار.
مشروع التوعية الاجتماعية كان منذ البداية مشروعا طلائعيا، بادرت المنارة الى تنفيذه في المدارس العربية في منطقة الشمال والمثلث يهدف الى دراسة وصياغة المعايير السلوكية للتهيئة الاجتماعية من جديد وخصوصا تلك التي تعتمد مبادئ الاحترام وتقبل الآخر المختلف والتي تؤكد إنسانية الإنسان. خصوصية هذا البرنامج تتجلى بالتفاته الى حيوية رفع الوعي تجاه المكفوفين وقضاياهم في صفوف الشباب الصغار ليكونوا موقفا مدروسا ومنصفا تجاه المكفوفين وليصبحوا فيما بعد سفراء تغيير. وفي ظل هذه المناسبة الهامة يسرنا أن نقدم لكم هذه المدونة..
الأشخاص أصحاب الإعاقات يشكلون احد وجوه مجتمعنا ولهم نسبة مؤثرة في عملية التنمية الشاملة المعمول بها من قبل المؤسسات الأهلية والرسمية، والمأمول تحقيقها في مختلف المجالات الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية. فللمجتمع دور في تهميش الأشخاص اصحاب الاعاقات من خلال تكريس مفهوم النقص الموجود عند صاحب الاعاقة وكأنه ذنب ارتكبه متجاهلين القدرات والحواس المتبقية التي يستغلها في حياته اليومية ليتجاوز الأعاقة وغالبا ما ينجح بذلك. لكنه يتعثر امام قسوة الآراء المسبقة.
لندفع عجلة التنمية إلى الأمام، لا بد من طرح قضايا الأشخاص أصحاب الإعاقات والمكفوفين على ساحة البحث الاجتماعي والعمل على دعم مكانتهم من خلال نشر الوعي الاجتماعي والحقوقي بين أبناء المجتمع عامة والأجيال الصاعدة خاصة، لنهيئ جيلا جديدا يقدر كرامة الإنسان المكفولة شرعاً وقانوناً، كما جاء في الكتب السماوية ومواثيق حقوق الإنسان، بغض النظر عن الإعاقة نوعها وقوة درجتها.
تركز عملية نشر الوعي على مفاهيم إنسانية وتربوية تضمن الحياة الكريمة لأصحاب الإعاقات والمكفوفين والتعريف باحتياجاتهم الحياتية، إضافة إلى تعزيز مفهوم أن الإعاقة لا تعني العجز، بل يجب الالتفات والتركيز على القدرات التي يطورها الشخص صاحب الإعاقة وكثيرا ما تكون هذه مذهلة ومفاجئة للشخص المبصر، والعمل على تطويرها واستحداث أساليب للاستفادة منها، وهو ما يساهم بالتالي في تحول هذه المجموعة لتصبح مستقلة قدر الإمكان وقادرة على إعالة نفسها.
نؤكد أن التشابه بين الأشخاص أصحاب الإعاقات والمكفوفين وبقية الناس أكبر بكثير من الأختلاف. ويكمن الفرق بالتعامل مع ظروف الحياة اليومية بأساليب مختلفة ومعينات تكنولوجية، لكن في المحصلة نسعى جميعا إلى تحقيق أهداف متشابهة مثل النجاح في الدراسة والحصول على مهنة ونرجو أن لا يتم إغفال العامل الإنساني بوصفه هو القاسم المشترك والموحد فيما بيننا وللختام أقول ان الشعوب الحضارية تقاس بمدى رأفتها واحتوائها للآخر المختلف وكم نتمنى أن تكون مجتمعاتنا العربية في مقدمة هذه الشعوب.
المفضلات