[size="7"][color="black"]دراسة في الأسلوب الجديد لتصدير الثورة الإيرانية
أضواء على الخطة السرية
دراسة في الأسلوب الجديد لتصدير الثورة الإيرانية
الأسباب – الخطوات – التطبيقات
:
نشرت رابطة أهل السنة في إيران - مكتب لندن - رسالة سرية للغاية، موجهة من شورى الثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، تحتوي هذه الرسالة على خطة عمل مفصلة في نشر الثورة و تصديرها، ولكن بأسلوب جديد دون حرب أو إراقة دماء.
وإن المتابع للحركة الإيرانية في العالم والنشاط الشيعي كذلك يرى أن هذه الخطة موضع تطبيق واضح وقد بدأت تحقق نجاحات واسعة للأسف.
في هذه الدراسة نسلط الضوء على هذه الخطة بهدف معرفة الأسباب التي دعت لها أولاً وأنها ظروف موضوعية وذاتية للثورة الإيرانية.
ومن ثمَ سوف نحلل مضمون هذه الخطة حتى نعرف تطبيقها، وبعد ذلك نتناول ما استطعنا معرفته من تطبيقات الخطة.
وهذه الدراسة كانت بقصد كشف الحقائق الغائبة على الأمة لتنهض للدعوة إلى الله ونصرة دينها والدفاع عنه.
لماذا هذا الأسلوب الجديد في تصدير الثورة؟
لقد قاد الخميني ثورة انقلابية شيعية على الشاه في إيران حققت نجاحاً جعله يحاول نشر هذه الثورة في أماكن أخرى من دول الجوار (العراق، دول الخليج العربي، لبنان..)، وكان يطلق على هذه الطريقة مصطلح "تصدير الثورة".
فها هو الخميني يعلن في بيان الذكرى السنوية الأولى لانتصار الثورة في 11/2/1980:
"إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم"([1]).
وهذه الثورية هي مبدأ حزب الخميني، كما قال علي خامنئي حينما سئل عن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فقال: "أول أهداف حزبنا هو بث التوعية الإسلامية السياسية والتربية الثورية بين صفوف الشعب الإيراني([2]).
وبسبب هذا الهدف والغاية أنشئت التنظيمات الداخلية والخارجية الخاصة بتصدير الثورة على أسلوب العمل الثوري الانقلابي، وقامت بالعديد من الأعمال في لبنان والكويت والسعودية، وأقامت العلاقات مع أغلب الحركات الإسلامية السنية التي كانت في حالة صراع مع الأنظمة القائمة([3]).
وتصدير الثورة نابع من عقيدة الشيعة بأن أهل السنة كفار يجب قتلهم وقتالهم وتغيير دينهم إلى دين الشيعة، يكفي هذا النص من كتاب "الغيبة" للنعماني: "ما بقي بيننا و بين العرب إلا الذبح"([4])!!! لمعرفة نوايا الشيعة الحقيقية من أهل السنة.
ولكن بسبب هزيمة إيران أمام العراق والتحولات في العلاقات الدولية ووفاة الخميني تغير هذا الأسلوب لضرورات ذاتية وموضوعية.
الظروف الذاتية:
يقول السيد عباس نخي وهو كويتي عاش في إيران منذ عام 1981 وغادرها بعد وفاة الخميني: "أنا أفصل بين الثورة وبين فترة ما بعد وفاة الإمام الخميني الذي سار طوال مسيرته على أساس مبادئها وقيمها، غير أن أول تخلف سجله الإمام الخميني تجاه هذه القيم تمثل في قبوله وقف إطلاق النار في الحرب العراقية الإيرانية، ولعله التخلف الوحيد؛ فنهج الخميني مرتبط بالعمل بالتكليف ومقولة إما النصر أو الشهادة"([5]).
ويقول: "لكن بعد وفاته (الخميني) عاشت الثورة خلطاً هدف إلى كسب الشارع الإيراني، حيث أبقت على الشعارات الثورية لكنها في نفس الوقت بدأت تميل إلى ضرورة تغيير اللغة الثورية والعمل وفق المصالح السياسية".
ويكتب محمد صادق الحسيني – أحد المتابعين للشأن الإيراني - في كتابه "الخاتمية المصالحة بين الدين والحرية": "وكما تقول مصادر مقربة من حكومة الرئيس رفسنجاني، فإن متطلبات المرحلة الراهنة التي تفرض أولويات معينة على برامج الحكم في إيران مثل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية؛ هي التي دفعت إلى ظهور تيارات سياسية جديدة من داخل النظام الإسلامي تدعو في طليعة ما تدعو إليه إلى رسم استراتيجيات عمل واقعية، ويجمع هذه التيارات عنوان رئيس "هو المدنية الإسلامية المعاصرة"([6]).
أما على صعيد السياسة الخارجية تقوم سياسة هذه التيارات على "ضرورة تفعيل الدبلوماسية الإيرانية من خلال رسم استراتيجية طويلة الأمد في مجال السياسة الخارجية التي تقوم على المصالح الوطنية العليا بما يؤمن شروط ما اصطلح على تسميته في إيران بالحكمة والمصلحة والعزة"([7]).
وفي مقابلة مع الدكتور عطاء الله مهاجرانى أثناء حملة الانتخابات الرئاسية التي شارك فيها خاتمي لأول مرة، سئل عن السياسة الخارجية الإيرانية فقال: "الواقع إننا كحكومة ثورية إسلامية كنا بحاجة منذ أول يوم للانتصار إلى إقامة أحسن العلاقات مع دول الجوار، وأعتقد أنها حاجة عامة لكل الثورات حتى تتمكن من إعادة هيكلة نظامها السياسي والاجتماعي واقتصادياتها لمدة لا تقل عن عقدين من الزمان"([8]).
والخلاصة:
إن الثورة الإيرانية بسبب تأثيرات الحرب على المجتمع الإيراني اقتصادياً وسياسيا أولاً، ثم الهزيمة ثانياً، ووفاة الخميني ثالثا أصبحت بحاجة لإعادة نظر في واقعها وسياستها هذا فيما يتعلق بالضروف الذاتية.
الظروف الموضوعية:
فبسبب انهيار الإتحاد السوفيتي، وتفرد أمريكا بزعامة العالم، وزيادة انتشار القيم الليبرالية مثل الحرية، والديموقراطية، واقتصاد السوق، كان لا بد أن يأخذ قادة إيران ذلك بعين الحسبان، ولذلك كتب رئيس جريدة "الإيرانية" المعروفة بولائها لنظرية ولاية الفقيه يقول: "في هذه الأيام يعيش العالم أكثر من أي وقت مضى بما فيه إيران الإسلامية تحت وطأة هجوم الليبرالية([9]).
لكل هذا كان لابد للثورة الإيرانية من أن تنحني للعاصفة حتى تحافظ على نفسها ولو كان ذلك على حسب مبادئها ونظرياتها، وحتى لو اصطدمت ببعض الجامدين والمتجبرين، كما قال خاتمي في رسالة استقالته حين اصطدم معهم فقال: "إنني أرجح أن أقوم بعيداً عن هاجس المسؤولية التنفيذية بالحرية والاختيار المناسبين للواجب الديني والثوري والإنساني الخاص في الدفاع عن الإسلام ومصلحة النظام كما أراها و أفهمها أنا، والمواجهة مع أشكال الجمود والتحجر والرجعية والتخلف والتي أعتبرها من أكبر آفات الحكومة و النظام الديني المتصدي لشؤون السلطة، وهو ما كان يشغل ذهن الإمام المبارك لا سيما في السنوات الأخيرة من عمره([10]).
ولهذا فإن هذه السياسات الجديدة والواقعية لرفسنجاني وخاتمي من بعده نابعة من قلب النظام الخميني و لمصلحته وإن كانت على غير أسلوبه المعهود، وذلك للحاجة إليها، ولأن الخميني مال إليها في آخر حياته كما في النص السابق للخاتمي. فكما يقول محمد صادق الحسيني مقيّماً فترة رفسنجاني: (ولاشك بأن الواقعية الرفسنجانية إذا ما صح التعبير استطاعت تخليص إيران من أزمات خطيرة عديدة وربما تأهيلها لتأخذ مقعدا دوليا مناسبا لها في نادي الأمم بعد أن كانت في نهاية الحرب العراقية الإيرانية على شفا الانعزال التام وربما الانقراض المحتمل)([11]).
أما عن خاتمي فإنه: (سيكون تواصلاً مع متطلبات داخلية ملحة)([12])، و(من هنا فإن المتوقع من جانب الرئيس الخامس لإيران أن يحدث نقلة نوعية في نمط معالجته لعديد من الملفات الخارجية، أي يحدث تحولا في الأداء وليس في المبادئ والأحوال تماما كما هي الحال في معالجة ملفات الداخل)([13]).
والخلاصة:
(المراحل الثلاث التي مرت بها الثورة الإيرانية على الشكل التالي: كانت مرحلة الخميني والإسلام ،أولا حفاظا على أهل الثورة، ثم جاءت مرحلة رفسنجاني، مرحلة إيران أولاً الدولة الإيرانية، واليوم جاءت مرحلة خاتمي ثالثا لتكون مرحلة المجتمع أولا أو الناس لبناء المجتمع المدني)([14]).
ويقول السيد عباس نخي عن نظام خاتمي: (فالسيد خاتمي يسعى لإنقاذ النظام في الحقيقة)([15]).
وهذا كله داخل عباءة الخمينية بعد ذهاب الجيل الأول للثورة الذي لم يبق منه إلا خامنئي ورفسنجاني ومجيء الجيل الثاني (فالبعد الواحد للخميني في أيامها الأولى بات بعدين في نهاية العقد الأول لانطلاقها وها هو اليوم يتحول إلى عدة أبعاد وتالياً عدة تيارات تتكلم جميعها باسم الخمينية فيمتد تأثيره على امتداد ألوان الطيف)، وبالنسبة لخاتمي (فإنه لا يخفي تعلقه الشديد وارتباطه الوثيق بالخمينية منطلقاً ومنهجاً وهدفا)([16]).
وبعد هذا العرض لتطورات الثورة الإيرانية والذي ترتب عليه تغيير السياسة الخارجية الإيرانية من سياسة تصدير الثورة إلى سياسة أخرى أكثر فاعلية وأخف صدى وضرراً على الثورة .
وفي هذا الصدد يكتب المعارض والمفكر الشيعي أحمد الكاتب على شبكة الإنترنت "إنها فرصة للتوقف و التفكير ومراجعة المسيرة الثورية والتفكير بتصحيحها والعمل من أجل تطويرها نحو الأمام"([17]).
والنتيجة التي نخرج بها أن هذا الأسلوب الجديد هو لمصلحة الثورة وليس تعديلا عليها أو تنازلا عن مبادئها؛ فلذلك يجب الانتباه للمضامين وليس للأساليب، وفكرة تصدير الثورة في مفهومها الجديد!!! تطبيقا لهذه السياسة الجديدة أصدرت مؤسسة تنظيم و نشر تراث الإمام الخميني في طهران كتابا جديدا بعنوان "تصدير الثورة كما يراه الإمام الخميني"([18])، أكدت فيه أن تصدير الثورة هو منهج ثابت للخميني([19])، لكن ( مبدأ تصدير الثورة لا يعني الهجوم العسكري وتحشيد الجيوش ضد البلدان الأخرى مطلقا)([20])!!!
وكانت فصول الكتاب كالتالي :
يتبع[/
المفضلات