الأمير الحسن يقدّم تصوّراً شاملاً لتعزيز الأمن الإنساني العالمي
دعا سمو الأمير الحسن بن طلال إلى إعادة التفكير في القواعد الفلسفية للنظم الاجتماعية العالمية مقدما تصوّراً شاملاً لتعزيز الأمن الإنساني في العالم، وبالأخص في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.
واشتمل هذا التصور على رؤية سموه لأسس التعامل مع عدد من القضايا الأساسية في مجالات الطاقة والتقنية الشمسية والبيئة والتغير المناخي والغذاء والهجرة والنزاعات والأزمة المالية العالمية والتمكين القانوني للفقراء.
واضاف سموه في خطابه الرئيس الذي افتتح به أعمال منتدى كو للأمن الإنساني في سويسرا أول من امس بحضور سمو الأميرة ثروت الحسن وعدد من الشخصيات العالمية، أنه بينما نفكّر مجدّداً بالقواعد والأساسيات، يجب أيضاً أن نلقي نظرة أوسع على العوامل الخارجية التي تُزعزع العلاقات الهشّة التي تعيق التعاون الإقليمي والاستقلال المتكافل، مؤكدا أن محاولات الإصلاح يجب أن تتضمّن إعادة تقييم للقيم التي تحتويها تلك النظم.
وقال سموه إن نظامنا الغذائي الحالي يعتمد كلياً على المصادر المحدودة ويستند بشدّة إلى الوقود المستخرج لتشغيل مضخات الريّ ومكننة إنتاج المحاصيل ومعالجة الأغذية، وهذه المصادر المحدودة تُستنفد بسرعة مما يجعل نظامنا الغذائي غير مستدام بشكل خطير وفي حاجة إلى إصلاح عاجل، مشيراً إلى ضرورة ابتكار آليات جديدة لاستدامة إنتاج الأغذية.
وأضاف سموه الى أن مشروع ديزيرتيك يهدف لتسخير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من صحارى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث يمكن من خلال هذا المشروع توليد أكثر من نصف الطاقة الكهربائية التي تحتاجها أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا.
وقال الأمير الحسن إن التغير المناخي وانعكاساته يمكن أن يُحدث تطوّرات من شأنها أن تسبب تغييراً كبيراً في المسار الجغرافي الذي نعرفه، فتأثير التغير المناخي ينتشر عبر كامل طيف الوجود الإنساني، إذ إنه يُحيطُ بالمجالات البيئيّة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والفلسفية، مؤكداً أن هذه الانعكاسات الإنسانية آخذة في التوسع وتتطلب ان يتم تأطير الحوار حول التغير المناخي على شكل مجموعة فرعية مرتبطة بالمفهوم الأوسع للأمن الإنساني، فالتغير المناخي يتعلق بالأمن الجَمعي في عالم هشّ يتزايد اعتماد دوله على بعضها البعض.
وأضاف سموه أن الشرق الأوسط وبعض أجزاء من أفريقيا وآسيا تواجه نقصاً حاداً في المياه ،وعلاوة على ذلك، يفتقر العديد من هذه المناطق إلى مشروعات تطوير البنية التحتية المائية، وتواجه احتمالات الجفاف الذي يمكنه أن يزعزعها.
وأشار سموه إلى أن النتائج الصحية العالمية للاحتباس الحراري صاعقة، فدرجات الحرارة الجوية المتطرّفة، وتلوث الهواء، بالإضافة إلى الارتفاع في درجات الحرارة والرطوبة ستؤدّي إلى تفاقم الأمراض التنفسية وأمراض الأوعية القلبية والربو والملاريا والحمّى.
وقال الأمير الحسن إن العديد من النزاعات نشأت بسبب الصراع للسيطرة على المصادر الطبيعية الاستراتيجية، حيث تشير دراسات حديثة أنّ 40 بالمئة تقريباً من جميع النزاعات العالمية مرتبطة بتلك المصادر.
ودعا سموه إلى مناغمة النظم الاجتماعية والاقتصادية العالمية مع المعايير الأخلاقية التأسيسية، والعمل على التمكين القانوني لأكثر من ثلاثة مليارات إنسان يعيشون أوضاعاً صعبة، والتركيز على القواسم العالمية والتعليم من أجل المواطنة والموضوعات فوق القطرية وتفعيل الفضاء الثالث الذي يجمع الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وإنشاء مجتمعات الكفاءة.
وأكد سموه ضرورة العمل من أجل أن يسمو الدين فوق السياسة، وتعزيز التعاون فوق القطري والتعدد الثقافي من أجل بناء أسس متينة للوصول إلى عصر الاستقلال المتكافل.
من جهة أخرى، التقى سمو الأمير الحسن خلال زيارته إلى سويسرا، عدداً من الأكاديميين والباحثين البارزين في جامعة جنيف، وشخصيات دينية، ومشاركين في برنامج مؤسسة حوار وأبحاث الأديان والثقافات، حيث ألقى سموه كلمة أوضح فيها الأسس والمعايير التي يجب اعتمادها من أجل تعميق عملية الحوار بين أتباع الديانات وصولاً إلى إحداث نتائج إيجابية ومؤثرة على صعيد الحياة اليومية للأفراد في المجتمعات الإنسانية.
المفضلات