بدا في أخر مقالاته وكأنه ينعى نفسه.. الزميل عزت القسوس في ذمة الله
الحقيقة الدولية – عمان
توفي فجر اليوم في عمان الكاتب الزميل عزت بشارة القسوس، عن عمر يناهز 54 عاماً، اثر أزمة قلبية حادة، وسيشيع جثمانه بعد ظهر اليوم الثلاثاء من كنيسة الهاشمية إلى مثواه الأخير في مقبرة المسحيين في الهاشمية.
وعرف عن الزميل القسوس التزامه بقضاياه العربية، والوطنية مدافعا عنها.
وكان الكاتب القسوس قد نشر أخر مقالاته على صفحات موقع "الحقيقة الدولية"، قبل ثلاثة ايام، بعنوان "ليكن ذكرهما مؤبداً.. إختارا الطريق والحق والحياة.." تحدث فيه عن الشهيدين سعيد صيام ونزار الريان، وبدا فيه وكأنه ينعى نفسه، وفيما يلي نص المقال..
ليكن ذكرهما مؤبداً.. إختارا الطريق والحق والحياة..
بقلم: عزت بشارة القسوس
نزار ريان... سعيد صيام، شهيدان صعدا درجات السلم نحو المجد، وجعلا العلم يرفرف أغنية حب للوطن. في رحيلهما وجع لنفسي، وفيض دموع لعيني ولقلبي، ونور لظلماتي، وماء لجدب صحرائي، وليل لنهاري، ومع ذلك أراهما أكثر وأتذكر وأعتصم بحبال عشقهما وأتصل بروحهما أبداً أبداً.
يا سعيد.. شهور مضت عليك يوم أرادك الله بجواره وأنت تـنغرس في قلبي وتختار الشهادة فكيف أصل إلى جمالك المطلق ونفسك الأعذب وروحك الأكمل؟ تأخرت كثيراً عليك، كان ينبغي أن نلتقي ونحن عاشقان لمعشوقة واحده – فلسطين – مع أن الزمن تغير وأشباه المناضلين والعوالم والناس، ما بيدي اخترت تلك الذكرى وهذا التاريخ (1/1/2009 و15/1/2009) لأن رفيقك في طابور العزة والانتماء، رفيقك نزار سبقك بقليل ومعاً وجدتما أن الماء بالماء، والنور بالنور، والنار بالنار، والقلب بالقلب، والنفس بالنفس، والحلم بالحلم، والإبداع بالشهادة، وما حدث في غزة في لحظة لا يمكن لنا إسترجاعه أو القبض عليه، وما فات ليس قليلاً وما بقي ليس كثيراً، وآه يا نزار يا حبيبي يا حبيب الله مما سيأتي، وهو عمر قاس لا أدري عنه شيئاً، غير أنه سيأخذني ويضعني على طريق الجمر والحيرة والبكاء والأسف. لكن !! ما حدث حدث ..
سال دمكما الراقي بمشاعر من يتلقى ومن يبدع في نفس الوقت، ولأنني سأختصر قدر الإمكان حيث يشهد زماني الحاضر تلوثاً أخلاقياً ثقيلاً يتواكب مع التلوث النضالي الذي بدأ واضحاً من خلال إقامة العلاقات الودية مع السجان ومع نوع خاص لا أستوعبه ولا أريد، مع شعبنا المنذور للشهادة، وكلاكما يعلم.. يا نزار.. يا سعيد.. بعد أن صرنا نتحدث عن عشقنا للمحبوبة فلسطين بـ "كان" وأخواتها: آه ما أقسى الحاضر، وما أطيب الفوز بالشهادة، وما أعجب حكم الزمان وتبدلات الأحوال، فعشقي لها باق وخالد إلى أبد الآبدين، أحمله في نفسي وأكتبه في شعري وأرصده في نثري، وأقوله في كلامي أينما كنت ووليت وجهي، ففلسطين الرجفة الأولى، وناري التي أوقدتها وأحرقتني جهاراً نهاراً، وسجني الذي عذبني، والزمان الحاضر هذا الذي ذقت فيه صنوف القهر لابد أن ينقلب ويأخذ معه كل أنذاله..
وأعلمكم أيها الأبطال أن عشقي لم يمت رغم قهري ولكنه ارتفع معكم نحو السماء وسيحيى ويعود لأبثكم حينما نلتقي في جنتنا، عند ذلك الموضع الذي حدد لنا، لابد من اللقاء والعناق والعتاب..
وأخيراً بلغا تحياتي للشمعة التي ظلت موقده لتعري كنه الخضوع والاستسلام والسكون والصمت إلى يحيى عياش الذي اختار الطريق والحق والحياة.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان- 16.6.2009
المفضلات