كتبت - سمر حدادين - هل تعيش المرأة العربية حالة الترف الذي يمكنها من احياء ذكرة يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار من كل عام، أم أن قسوة الظروف التي تعيشها من آثار ما يسمى بالربيع العربي، الذي خلف وراءه عثرات أعادها مائة عام إلى الخلف يدفعها أن توجه صرخة لمن في وجه تقدمها..
هي أسئلة مشروعة نطرحها في اليوم الذي اتفق العالم على أن يكون مخصص للنساء للتعبير عن أوضاعهن ولإحياء المنجزات التي تحققت لهن طوال العام، الاجابات على التساؤلات لا يمكن أن نحصل عليها عبر المؤتمرات والندوات وفي الغرف المكيفة..الاجابات ستكون من النساء المناضلات المتواجدات في الميادين وأماكن عملهن..ينشدن الحياة المستقرة والهادئة والآمنة.
نحن في الأردن انعكست آثار الربيع العربي على المرأة الاردنية، لجهة أنها لم تعد من أولويات المرحلة المزدحمة بقضايا عديدة، ما أثر عليها وجعلها تقف عند نقطة ذاتها محافظة على ما حققته من مكتسبات ، دون أن يتم المساس به، على أمل أن يحمل العام الحالي انجازات أفضل.
وترى الحركة النسائية ضرورة المحافظة على مكتسبات المرأة الأردنية والعمل على زيادتها في هذه اللحظة التاريخية التي بدأ فيها الاردن بإجراءات إصلاحية تدخله إلى مرحلة التحول الديمقراطي.
لعل الأوضاع الصعبة والتي تعاني منها النساء في العديد من دول العالم ومنها العربية، جعل الأمم المتحدة تعيد التأكيد على شعار كانت قد تبنته لاحتفالات اليوم العالمي للمرأة في أوقات سابقة، وهو «الوعد هو الوعد : حان وقت العمل لإنهاء العنف ضد النساء.
وفي عرض لأوضاع النساء في الدول العربية خاصة في ظل الثورات والتحولات الديمقراطية جاءت ووفق ما قالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن»، بمجملها صادمة ، وتنتقص من مكتسباتهن وتعمل على تهميشهن وإلغاء أدوراهن الأساسية والفاعلة ، بشكل يجعل الحديث عن تحقيق إنجازات وعن إشراكهن في صياغة المستقبل والإعتراف بحقوقهن ومكانتهن داخل المجتمعات كأنه درب من الخيال.
فالنساء في مصر مثلاً يتعرضن لهجمة ممنهجة ذات طابع سياسي تتمثل في التحرش بهن خاصة في الميادين العامة كميدان التحرير في القاهرة ، فقد كشفت جمعية «قوة ضد التحرش والإعتداء الجنسي» عن تعاملها مع (19) حالة إعتداء جنسي تم الإبلاغ عنها أثناء المشاركة في تظاهرات الذكرى الثانية للثورة في ميدان التحرير حيث تم استخدام أسلحة بيضاء وأدوات حادة خلال أعمال العنف الجنسي ، بهدف تحييد النساء عن الحياة السياسية في مصر.
وأشار المركز المصري لحقوق المرأة في تقريره المعنوان «(2012) عام الخروج الكبير للمرأة المصريه»، الى إحتلال مصر المركز الاول بتراجع الدول في مجال المشاركة السياسية حيث وصلت الى المركز 126 لهذا العام، وإحتلت المرأة المصريه المركز 95 من بين 125 دوله من حيث الوصول للمناصب الوزارية.
وتشير «تضامن» الى المادة (28) من مسودة الدستور التونسي بصيغته النهائية التي تنص على أَن الدولة تضمن دور المرأة باعتبارها «شريكة للرجل في بناء الوطن» ويتكامل دورها داخل الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل والقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة ، حيث أدت هذه المادة الى خروج إحتجاجات صاخبة ضد الحزب الحاكم «حزب النهضة» لمحاولة الحد من حقوق المرأة. إذ لم يكن الكثيرون من التونسيين والتونسيات يريدون التنازل عن مفهوم المساواة الفردية مقابل جعل دور المرأة مرتبطًا بالرجل والأسرة والوطن.
وفي سوريا فإن آلاف النساء تعرضن للتهديد والإعتقال والتعذيب النفسي والجسدي وحتى الإغتصاب والقتل لأنهن شكلن عنصراً فاعلاً في المظاهرات ، وتعاني اللاجئات السوريات في كل من تركيا ولبنان والأردن (وهن يشكلن النسبة الأكبر من اللاجئين) من تحديات عديدة ومن ظروف معيشية صعبة وأوضاع نفسية سيئة ، ويدفعن ثمناً باهظاً للأوضاع السياسية في بلدهن.
هل هناك متسع لإحياء ذكرى اليوم العالمي للمرأة في الدول العربية، أم ان عليهن لملمة جراحهن كي ينهضن من جديد ويواجهن التحديات التي فرضتها عليهن التحولات السياسية في بلدانهن، عندها يكون لثامن من آذار مذاق بطعم السكر لديهن.
المفضلات