ثمة من يصف الكتاب والمثقفين اليهود بأنهم يشكلون لواء خلفيا للآلة العسكرية العدوانية، وهناك من ينفى هذه الصفة مميزاً بين الكتاب على اختلاف تياراتهم، مشيرا إلى أن هناك تيارا يساريا لا يتفق مع الأيديولوجية الصهيونية، وموقف دولتهم في القتل.
ويضرب متابعون أمثلة على كتاب كان لهم مواقف ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة، أمثال: عاموس عوز، وديفيد غروسمان، أ. ب. يهوشع.
غير أن آخرين يرون أن المثقف اليهودي ربما لا يكون متورطاً في المذبحة، ولكن لا يمكن الإقرار أنه بمنأى عن ذلك أخلاقيا، وأن التصريحات التي تظهر هنا وهناك لا تمثل سوى نظرة إلى الأشياء بعين نصف مغمضة، فالدم لا يحتاج إلى شهادة طبية أو شهود عدول لإقرار المأساة.
ويقولون إن موقف المثقف اليهودي متواطئ بشكل ما، تواطؤ خجل، يساوي بين الضحية والجلاد، ويذهب إلى رش السكر على الموت.
الكاتب اللبناني عبده وازن يعلق في مقالة الحياة اللندنية، على مطالبة عوز وقف الحرب في غزة وبسرعة.
وكان عوز كتب مقالا في يومية يديعوت أحرونوت، قال فيه: ليس لإسرائيل ما تكسبه من استمرار الهجوم على غزة، ورأى عوز أن :حماس هي المذنبة في التدهور في غزة ولولا استفزازاتها وقصفها لما كانت حاجة للعملية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن هذه العملية ملزمة بأن تكون محدودة في أهدافها. ويتابع عوز: ليس لإسرائيل هدف آخر غير تحقيق وقف نار كامل ومطلق في أقرب وقت ممكن، ينطوي على هدوء وتهدئة على حدودنا.
ورأى كتاب أن عوز في المقال يتحدث مستعيراً صفة السياسي، أو في أقل الأحوال الناطق باسمهم، ويتكلم بلغة الجنرال الحكيم، دون أن يلفت إلى القتل والدموية التي ترتكبها حكومة بلاده، وكأن ما يحدث هو نتيجة زلزال أو انهدام كوني، وليس فعل فاعل، هو الجلاد، ومفعول به، هو الضحية. وقال وازن: ليت أولئك الكتاب الإسرائيليين احتجوا على القتل اليومي للأطفال الفلسطينيين، ليتهم تحدثوا عن الألم الذي تحفره الآلة الإسرائيلية في أجساد الضحايا ونفوسهم. وتوقف الكاتب معن البياري عند ما كتبه غروسمان فيهآرتس والغارديان، عن رد الفعل الدفاعي من جانب إسرائيل بعد ضبط كثير للنفس على استفزاز من حركة حماس بصواريخها، داعيا أن تعضّ إسرائيل على أسنانه، وتوقف إطلاق النار، ولو من جانب واحد، لثمان وأربعين ساعة.
وقال البياري إن الروائي غروسمان كان أيّد العدوان على لبنان في أول أيامه، ثمّ طالب بوقفه بعد أسبوعين على بدئه، بعد مقتل ابنه ضابط الاحتياط في سلاح المدرعات أوري، قال انه ينشغل بما هو تكتيك حربي وسياسي، وهو الذي يشدّد منذ سنوات على أن تبقى إسرائيل تتمثل ما يسميها القيم اليهودية الكونية. ويقارب وازن بما أدلى به المؤرّخ الفني البريطاني جون بيرجر الذي استنكر الاعتداءات الإسرائيلية جهاراً وبجرأة تامة، معتبراً أن موت ضحية إسرائيلية واحدة لا تسوّغ قتل المئات من الفلسطينيين، وأن حياة إسرائيلي واحد لا تساوي حياة مئات الفلسطينيين.
ويخلص متابعون أن المثقفين اليهود، جزء من التشكيل المجتمعي في دولة الاحتلال، لهم وجهة نظر تخالف النخبة السياسية، غير أنها عندما تنظر إلى الآخر ، تصاب بالحول.
رد مع اقتباس
المفضلات