بيروت - رويترز - ستتمكن اسرائيل على الأرجح من التعايش مع التداعيات الدبلوماسية لاقتحامها الدموي لسفن مساعدات مدعومة من تركيا متجهة إلى غزة إلا إذا أخفقت الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية في حمايتها.
وأثار اعتراض اسرائيل لقافلة المساعدات في المياه الدولية مما أسفر عن استشهاد تسعة عاصفة من الانتقادات في أنحاء العالم وأضر بشدة بالعلاقات المتوترة بالفعل بين الدولة اليهودية وتركيا التي كانت يوما حليفتها المسلمة الوحيدة.
وستتكثف المطالب بأن تنهي اسرائيل حصار قطاع غزة الذي يسكنه 1.5 مليون نسمة والذي وصفه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء بأنه «لا إنساني». وحث الاتحاد الأوروبي وروسيا اسرائيل على فتح المعابر لتوصيل المساعدات والبضائع والأفراد.
والضحية الأخرى على الاقل في الوقت الراهن ستكون جهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتحريك محادثات السلام غير المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وستكون الواقعة التي حدثت يوم الاثنين اختبارا لمصداقية الحملة واسعة النطاق التي يشنها أوباما لاستعادة ثقة العرب والمسلمين.
وإلى الآن كان كل ما قاله أوباما هو أنه أبدى أسفه على سقوط قتلى ودعا إلى توضيح ما حدث خلال الغارة. وأدان مجلس الأمن الدولي « الأفعال» التي أدت إلى سقوط قتلى وحث على إجراء تحقيق «يلتزم بالمعايير الدولية».
وكثيرا ما كانت تتجاوز اسرائيل الغضب الدولي بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين والدول العربية المجاورة في الماضي لاعتمادها بصورة كبيرة على استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو) ضد أي قرار معاد لاسرائيل في مجلس الأمن وحمايتها من أي عقاب.
قال وزير المالية الاسرائيلي يوفال شتاينيتز لراديو الجيش الاسرائيلي «على الرغم من الاحتجاجات ضدنا فقد اجتزنا مواقف أكثر صعوبة.» ورفض الحديث عن العقوبات.
وربما يضر الهجوم على قافلة المساعدات أكثر بعلاقة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المتوترة مع أوباما لكن من المرجح أن يفكر الرئيس الأمريكي مرتين قبل مشاركة المجتمع الدولي في انتقاد اسرائيل قبل انتخابات التجديد النصفي التي تجرى في تشرين الثاني. وهذا لن يحدث إلا إذا لمح تغيرا في مزاج الأمريكيين لينظروا لاسرائيل باعتبارها عبئا بدلا كونها حليفا موضع ثقة.
كتب جورج فريدمان الرئيس التنفيذي في ستراتفور وهي دورية لتحليل شؤون الجغرافيا السياسية يقول «ربما ترى إدارة أوباما الآن والتي أسخطها الاسرائيليون تحولا في الرأي العام الأمريكي يفتح الطريق أمام علاقة أمريكية اسرائيلية جديدة ليست في صالح اسرائيل.»
وحتى إذا لم يتحقق هذا التصور فإن هذه العملية التي حدثت في البحر ربما تجبر الولايات المتحدة على الاهتمام بدرجة أكبر بمحنة غزة والانقسام بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية.
قالت المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «لسنوات تواطأ الكثيرون في المجتمع الدولي في سياسة استهدفت عزل غزة على أمل إضعاف حماس.» وأشارت المجموعة إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والشركاء في اللجنة الرباعية حثوا على تخفيف الحصار.
وأردفت «هذا موضع ترحيب لكن فتح المجال للمساعدات الإنسانية ليس الرد المناسب على سياسة تتسم أساسا باللامبالاة الأخلاقية وذات نتائج عكسية.» وأصبحت الآن العلاقات التي كانت وثيقة يوما بين اسرائيل وتركيا متداعية.
وقال بول سالم مدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي ببيروت «قتل الاسرائيليون أتراكا في المياه الدولية... سيغير هذا حقا من المشاعر في تركيا ويدفع بالأمور في اتجاه أكثر تشددا. سيتعين على الحكومة على الأرجح مسايرة هذا الى حد ما.»
وقلل قادة اسرائيل بالفعل من تكلفة خسارة تركيا وهي دولة معتدلة علمانية ذات أغلبية سكان من المسلمين باعتبارها وسيطا محتملا قائلين إنها لم تعد محايدة لكن التجارة والطاقة والسياحة والروابط العسكرية ربما تعاني أيضا.
وقضى الهجوم على قافلة المساعدات على أي احتمالات في إجراء محادثات اسرائيلية فلسطينية غير مباشرة على الفور لكن نتنياهو ربما لا يشعر بكثير من الانزعاج لحدوث انتكاسة للمفاوضات التي لم يوافق عليها إلا بعد قدر كبير من الضغوط الأمريكية.
وسعى أوباما جاهدا لإعادة شكل من أشكال عملية السلام إلى مسارها. كما أن الفلسطينيين لا يرغبون في المشاركة في المحادثات في ظل الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقال سالم «أولا كانت حرب غزة عندما كانت تصريحاته كرئيس منتخب غير قوية... وكانت (الضربة)الأكبر عجزه عن جعل اسرائيل تجمد النشاط الاستيطاني.»
وأضاف «هذا اختبار آخر لن يكون فيه رد الفعل الأمريكي حتما هو ما يرغب فيه العالم العربي والإسلامي.»
المفضلات