علماء دين واجتماع: الفحص غير جائز شرعا... 1200حالة فحص عذرية قبل الزواج سنويا في الأردن تثير حفيظة المعنيين
تثير الأرقام التي نشرها المركز الوطني للطب الشرعي حول فحص 1200 حالة عذرية سنويا، حفيظة مشايخ وعلماء اجتماع، ما اعتبروه ضرورة معرفة دوافع الأسر الأردنية، ممن يجبرون فتياتهن على إجراء "فحص العذرية قبل الزواج"، والتي باتت تشكل هاجسا يقض مضجع الآلاف من الفتيات ممن هن في سن الزواج.
وربما دل ازدياد أعداد المراجعين، إلى وجود أزمة ثقة مجتمعية، ضاربة بعرض الحائط كل القيم الإنسانية التي تدعو للحفاظ على كرامة الأنثى، لتحط من قدرها، مختزلة في "بكارتها" كل معاني العفة والطهارة، متناسية إنسانيتها، بحسب جريدة "الغد" الاردنية.
أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور هايل عبدالحفيظ يرى أنه لا بد من الوقوف عند أسباب ودوافع إجراء الفحص قبل الزواج، لدى الخاطب أو الأهل، ويشير إلى أن هناك 3 أوجه للإثبات في الشريعة الإسلامية هي (الشهادة، والإقرار، والقرينة)، ويذهب إلى أن فحص العذرية يعد من القرائن، بحيث يوجب اللجوء إليه في حالة الادعاء من أجل إثبات الحقيقة، عند حدوث اغتصاب أو ما شابه، فهذا الإجراء في هذه الحالات، "لا شيء فيه".
ويلفت إلى أنه عند اللجوء إلى إجراء فحص العذرية، بسبب الشك أو سوء الظن تجاه الفتاة، فإن ذلك غير مقبول شرعا ولا جائز وأمر مستنكر.
ويقول عبدالحفيظ "القاعدة أن الأصل في الإنسان هي براءة الذمة، وعدم ارتكاب الجريمة، أما لمجرد الظن والهواجس، فإن ذلك يسيء إلى المرأة وكرامتها ويخدش حياءها"، داعيا الأهل في هذا الإطار، إلى التحلي بالوعي، واحترام البناء الخلقي والإيماني لدى أولادهم.
ويشدد على أنه في حال طلب الخاطب من خطيبته إجراء فحص العذرية، فإن ذلك يدخل في باب العقوبة من وجهة نظر الشرع، وهو طلب غير مشروع ويدخل في باب القذف والقدح والذم، ولا يزوج، ويجوز تجريمه.
ويعتبر الباحث الإسلامي الدكتور حمدي مراد هذا الطلب من قبل الخاطب، بأنه نتيجة طبيعية للانحلال الأخلاقي الذي يعيشه المجتمع، ما يجعل الرجل يفكر بهذا الاتجاه من أجل الاطمئنان، نتيجة العلاقات غير الشرعية والاختلاط بين الشباب والشابات، خصوصا في الجامعات على نحو خاص.
ويوضح "أن هذا التشكيك لم يأت من فراغ، بسبب الواقع الأخلاقي الذي نعيشه الآن"، مشيرا إلى أن بعض الحالات تطلب إجراء الفحص بسبب الجهل.
ويشير مراد إلى أن بعض الشباب يلجأون إلى ذلك، بسبب مكاشفة الفتاة أو مصارحتها له عن علاقاتها السابقة، ما يؤدي إلى زعزعة الثقة لدى الخاطب تجاه الفتاة، وبالتالي فقدان الثقة.
ويتفق مع مراد أستاذ علم الاجتماع الدكتور موسى اشتيوي، الذي يفسر دوافع الأهل بفحص العذرية لبناتهم، إلى أنه مؤشر غير مباشر على وجود شكوك في سلوك الفتاة للاطمئنان على مستقبلها الزواجي.
ويورد اشتيوي وجود احتمال بازدياد الوعي المجتمعي، بحيث من الممكن أن تكون بعض العائلات، طالبت بإجراء فحوصات لبناتهم من باب عدم اتخاذ أي إجراء أو عقوبة ضد الفتاة قبل التثبت من براءتها، وفي هذه الحالة قد يكون الفحص مبررا.
كما يبين أن هذه الظاهرة، متأتية من قسوة المجتمع ونظرته إلى الفتاة، فضلا عن تمترس القيم التقليدية القديمة، والتي يعتبرها "صك براءة" وعدم محكومية، أمام المجتمع.
ويعلق في هذا الإطار رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور حلمي ساري على أن مجرد فكرة إجراء الفحص العذري، تبين خللا في مفاهيم الزواج في المجتمع العربي.
ويضيف "أن الزواج في الأصل قائم على التفاهم والثقة والصراحة، فإذا ما تم الإصرار على إجراء الفحوصات، فيعني أن كل الشروط السابقة غير متوافرة، وأن صورة المرأة في ذهن الرجل ما زالت مختزلة في أنها مجرد جنس فقط".
ويقول إن هذه النظرة القاصرة، "تختصر المرأة، وتلغي كيانها وفكرها وثقافتها"، داعيا الشباب إلى أن تكون أسس اختيارهم مبنية على التفاهم والقيم المشتركة والثقة، موضحا أن إجراء الفحص بحد ذاته غير مبرر أبدا، إلا في حالة التأكد فقط من خلو الأمراض لدى الطرفين.
وكان رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي، كشف الأسبوع الماضي عن أن سجلات المركز، تسجل سنويا ما معدله 1200 حالة فحص عذرية، تقدم عليها فتيات غالبا، بدفع من شباب يطلبون الزواج بهن، وأحيانا من تلقاء أنفسهن.
واعتبر الحديدي أن فحص العذرية من الظواهر الجديدة التي بدأ يتعامل معها المركز حديثا، وقال في الوقت نفسه إن هذا الفحص "يشكل إساءة لكرامة الأنثى".
المصدر : الحقيقة الدولية – الرصد الاخباري6.6.2009
المفضلات