ثم هل الأقصى كبناء أغلى أم دماء المسلمين؟
روى ابن ماجة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطوف بالكعبة ويقول: "ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمةً منك، ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرًا" [ضعيف ابن ماجه، ضعفه الألباني]..
لذلك كان غريباً أن الأمة تثور وتنتفض لزيارة شارون للأقصى –وهو أمر قبيح ولا شك- ولا تثور ثورة مماثلة أو أشد لذبح ثلاثة آلاف فلسطيني مسلم على يد الموارنة واليهود في صبرا وشاتيلا!!
لابد أن نرتب أولوياتنا..
الإسلام ليس دنيا معقدًا .. الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك..
• الأولوية الأولى: الأرض بكاملها لأنها دين والتفريط فيها تفريط في الدين، ويُضحي بكل شيء من أجل الدين..
• الأولوية الثانية: الدماء.. دماء المسلمين لها حرمة عظيمة، لكن تبذل للدفاع عن الدين.
• الأولوية الثالثة: المقدسات والمباني والديار والأموال.. وكل ذلك هام، لكن لا يضحي من أجله بالأرض أبدًا..
مفهوم آخر في غاية الأهمية:
كيف تحرر فلسطين؟
أو من الممكن أن يسأل بطريقة أخرى: هل لابد من الانتفاضة وفقد هذا الكم الهائل من الدماء؟ أو هل من الممكن أن تحرر عن طريق المفاوضات والطرف الدبلوماسية والأمم المتحدة؟
والحقيقة أن تحرير فلسطين لا يمكن أن يتم إلا عن طريق المقاومة، ولذا فأنا أريد أن أرسخ هنا مفهوم وجوب استمرار الانتفاضة.
لماذا يجب أن تستمر الانتفاضة؟
• أولاً: لأن هذا هو الطريق الشرعي الوحيد لتحرير فلسطين في مثل هذا الموقف.. وبصفة عامة فإن الشعوب لا تحرر إلا بالدماء والتضحيات والبذل والعطاء. ومن المستحيل أن يأخذ المظلومون حقوقهم من الجبابرة والطواغيت حول طاولة مفاوضات.
- لو قعد الليبيون ألف سنة مع الإيطاليين حول طاولة مفاوضات ما خرج الطليان من أرضهم..
- ولو قعد الجزائريون ألف سنة مع الفرنسيين حول طاولة مفاوضات ما خرج الفرنسيون من أرضهم..
- بل لو قعد الفيتناميون ألف سنة مع الأمريكان حول طاولة مفاوضات ما خرج الأمريكان من أرضهم.. سنة من سنن الله في الأرض..
لماذا ستشذ فلسطين عن القاعدة؟!
هل اليهود أعظم أمانة وأوفى عهدًا من الطليان والفرنسيين والأمريكان ولذلك نعلق كثيرًا على زعمائهم؟!
وليس معنى هذا أننا ضد السلام.. أبداً.. نعرف الآية الكريمة التي أخرجها بعض العلماء للترويج للسلام مهما كان الثمن: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه} [سورة الأنفال: 61].. لكن العلماء الأفاضل نسوا أن الآية التي قبلها هي: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60].. كما نسي العلماء الأفاضل أيضا أن بعد هذه الآية بثلاث آيات: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَال} [سورة الأنفال: 65].ولا أدري كيف انتزعوها انتزاعًا من المصحف على طريقة ولا تقربوا الصلاة..
نحن لسنا ضد السلام.. لكن السلام الذي نريده هو السلام المبني على رد كامل الحقوق لأصحابها.. سلام الأقوياء الشرفاء و ليس سلام الضعفاء الأذلاء.. لا نعطي سلامًا مقابل جزء من الأرض وكأنهم يتفضلون به علينا.. نعطي السلام بعد أن نأخذ الأرض بكاملها ونعطيه لمن عاش معنا على أرضنا موفياً بعهده ومرتبطًا بقانوننا ودستورنا.
** مفهوم آخر من المفاهيم الهامة التي يجب أن تحرك وتثار وسط جموع المسلمين:
مفهوم إسرائيل الكبرى..
إسرائيل الكبرى هو مشروع صهيوني حقيقي لا تخفيه إسرائيل بل تعلنه بسفور، والشواهد تدل على سعيهم لتطبيقه.
مشروع إسرائيل الكبرى يشمل فلسطين بكاملها – بما فيها الضفة الغربية وغزة طبعاً -بالإضافة إلي الأردن، لبنان، سوريا، العراق حتى دجلة أو الفرات، جنوب تركيا، مصر حتى الفرع الغربي من النيل - فرع رشيد - وشمال السعودية حتى المدينة المنورة، بل في بعض الخرائط حتى 122 كم جنوب المدينة المنورة!!، خيب الله ظنونهم وأفشل خططهم..
يستند هذا المشروع إلي توراتهم المحرفة حيث يقولون أن الرب قال ليعقوب علية السلام: "وهبتك يا إسرائيل ما بين دجلة والنيل"..
- أعلن هذا المشروع بن جوريون عند إعلان دولة إسرائيل سنة 1948.
- وذكره تيودور هرتزل المؤسس الحقيقي لدولة إسرائيل في مذكراته.
- وجاء كذلك في مذكرات روتشيلد المليونير اليهودي والممول الأساسي للمشروع الصهيوني.
- وذكره موشى ديان لما احتل اليهود القدس سنة 1967 قال: "الآن أصبح الطريق مفتوحاً إلي يثرب وإلي بابل!!"، خيب الله ظنه، ولما احتل اليهود سيناء قال: "الآن حررنا سيناء".
- مشروع إسرائيل الكبرى يرسمونه علي ظهر عملتهم الشيكل.
- وخريطة إسرائيل الكبرى مرسومة علي باب الكنيست.
- وحرب 67 ما كانت إلا حلقة في المشروع.
- وكذلك اجتياح لبنان في سنة 1982..
- أيضا لا شك أن حرب الخليج وتمركز القوات الأمريكية في هذه المنطقة من العوامل التي تسهل علي المشروع أن يطبق علي أرض الواقع..
- وأيضاً إضعاف الدول المحيطة بإسرائيل عسكريا، وربطها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بأمريكا الحليف الرئيسي لإسرائيل حلقات في المشروع الصهيوني البشع..
- الصداقة بين تركيا وإسرائيل.
- وتدمير القوة العسكرية العراقية.
كل هذه محطات لا تخفي علي عاقل ..
والمسلمون لا يفيقون إلا علي الكوارث..
دول المنطقة جميعا توقع علي معاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي بينما إسرائيل تمتلك أعدادا ضخمة من الرؤوس النووية وتأبى أن توقع على هذه المعاهدة!!.. علامات استفهام خطيرة!! .. أنا لا أدري كيف نشعر بالأمن، ونفترض وفاء اليهود مع كل هذه الملابسات.. والله أنا أعتقد أنه إستراتيجيا وبلا أي عوامل أخوة أو شرع أو واجب ديني، فإنه لابد على البلاد الإسلامية المحيطة بفلسطين أن تؤيد الانتفاضة بكل ما تستطيعه وبسرعة.. أهل فلسطين هم خط الدفاع الأول لنا.. الدرع البشري الواقي للدول المحيطة.. إذا سقط هذا الخط الأول، فسيأتي الدور لا محالة علي غيرهم.. وهنا سيقول الضحايا أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض..
من شك في مشروع إسرائيل الكبرى، واستبعد أن تحتل إسرائيل كل هذه البلاد فعليه أن يراجع تاريخ نشأة إسرائيل داخل فلسطين.. راجع هذا التاريخ وستجد العجب العجاب.. كيف أن دولة قوية كإسرائيل قامت من لا شئ.. فإذا كانوا قد أنشئوا دولة من لا شيء، فهم على التوسع أقدر.. ولكم في حرب 1967 عبرة..
يتبع بأذن الله
المفضلات