إنَّ لهذا الموضوع أهميّة خاصة يُشكر عليها أحد رؤساء الجامعات التي أشار إليها بكل صراحة ووضوح حينما طلب خلال أحد اجتماعاته مع أصحاب المناصب الإدارية العليا ضرورة التركيز على تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات بما يحقِّق الازدهار للجامعات في أردننا الحبيب وبما يحقِّق الرؤية الملكية الهاشمية الحكيمة. فالبحث في هذا الموضوع يتطلب من الجميع تقديم المقترحات لتحقيق ذلك؛ ولهذا فقد وجدت نفسي ملزماً بتقديم بعض المقترحات والآراء، وقد أشرت إلى بعضها في أكثر من مقال أو دراسة علمية. إنَّ هناك العديد من القرارات الإدارية والمالية التي يتوجب على رؤساء الجامعات الرسمية والخاصة (مع الاحترام) - برأيي - اتخاذها لتخفيض النفقات في الجامعات والتي سوف أتعرَّض لها بالبحث والدراسة (لاحقاً) في جريدة الرأي التي تؤمن بحرية التعبير والتي نعتز بها، ولعلَّ أول هذه المقترحات: هو وقف دفع المكافآت الباهظة للمحامين كأتعاب سنوية دون القيام بتقييم أداء هؤلاء المحامين، حيث يعتبر ذلك من الأمور المستغربة لكون تلك الجامعات تضم من ضمن كلياتها كلية الحقوق والتي أيضاً تضم أعضاء هيئة تدريسية يحملون رتباً جامعية من أستاذ وأستاذ مشارك وأستاذ مساعد ومدرس بالإضافة إلى أعضاء الهيئة الإدارية الذين يحملون مؤهلات عليا في القانون من جامعات أردنية ومتخصصين في شؤون الجامعات. والذي يستحق الدراسة هو أنَّ العديد من رؤساء الجامعات قد قاموا بتعيين المحامين للقيام بالدفاع عن الجامعات بمكافأة ودون إجراء أي تعاقد معهم، بل وطالب بعض هؤلاء المحامين بزيادة المكافأة لهم أضعاف عديدة وقد تم ذلك بالفعل ولمدة غير محدودة دون إجراء أي دراسة قانونية تبيِّن نوع وعدد القضايا المفصولة وعدد القضايا المحكوم بها لصالح الجامعة، حيث تمَّ تحديد هذه المكافآت - وما زالت - بطريقة عشوائية قد تخدمها المصالح الشخصية والوساطة والمحسوبية، حتى وصل الأمر بأحد رؤساء الجامعات تكليف محامي خارجي غير محامي جامعته بمتابعة قضية واحدة مرفوعة من قبل اثنين من العاملين في الجامعة، وقد بلغت مكافأة هذا المحامي الخارجي ما يزيد عن أربعة آلاف دينار، وهذا يكشف عن خلل واضح في تحديد مقدار المكافآت في جميع المؤسسات العامة المستقلة ولا بد من معالجته ووقفه. والشيء الذي يثير الاستغراب في الجامعات وجود مكتب أو دائرة أو وحدة قانونية يفترض بها متابعة القضايا القانونية المدنية (الحقوقية) المحالة إلى المحامين المكلفين بها ومن ثم تقديم تقرير سنوي حول نوع وعدد القضايا المفصولة مبيناً فيه النسبة العامة للقضايا المحكوم بها لصالح الجامعة، فإذا وجد أنَّ المحامي المكلف قد ارتكب فعلاً نتيجة تقصير أو إهمال أو تسبَّب في إلحاق أي ضرر مادي بالجامعة، فيتوجب في هذه اللحظة وقف التعامل معه ومطالبته بالإضرار المادية التي لحقت بالجامعة، فهناك قضايا مضى عليها مدة طويلة لم يحكم بها رغم الحكم للمدعى عليه في قضية من نفس النوع سجلت بتاريخ لاحق عليها بمدة طويلة، وبعضها لم ينفذ بالطرق القانونية وبعضها سقط بالتقادم، وقد يكون هناك تقصير وإهمال من بعض المحامين المكلفين بها حتى بلغ الأمر في عدم الفصل في قضايا شيكات رفعت على العديد من الكفلاء منذ عدة سنوات ولم تُحَصل حتى الآن رغم إمكانية تحصيلها بطرق قانونية أخرى. إنَّ الحل لهذه المشكلة هو وقف هذه المكافآت عن هؤلاء المحامين المكلفين بالدفاع عن الجامعات بعد إجراء تقييم شامل وإجراء الإحصائيات لمعرفة نشاط المحامين المكلفين بذلك والتوجه نحو تكليف النائب العام أو المحامي العام المدني في الإجراءات القضائية الذي هو قاضي صلح نيابة عن تلك الجامعات الرسمية خاصة وأنَّ قانونها يسمح بذلك، فضلاً عن أنَّ المادة (41/3) من قانون نقابة المحامين الأردنيين يسمح للدوائر الحكومية أو الهيئات العامة أن تنيب عنها في المرافعة أحد الموظفين الحاصلين على إجازة الحقوق وليس إجازة المحاماة وهذا الحكم أيده قرار تمييز حقوق رقم 4602/2003. إنَّ هذه المقترحات والآراء تأتي من خلال الدراسة القانونية لهذا الموضوع حرصاً على تقدم جامعاتنا الحبيبة التي هي جزء من الوطن الذي يعتز أبناؤه بالقيادة الهاشمية الحكيمة، واضع هذه الملاحظات والآراء بين يدي وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورؤساء الجامعات الأردنيّة آملين الاستفادة منها والبحث عنها في مؤسساتنا ومعالجتها للمصلحة العامة ومتمنياً عدم وضعها في أدراج المكاتب دون اتخاذ قرارات حاسمة.
محمد الشيخ ذيب
المفضلات