إنتشار الفتن بعد مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه
قال الإمام ابن كثير في (( البداية والنهاية )) (10/295) :
(( وقد ذكر ابن جرير أنَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه لما رأى ما فعل هؤلاء الخوارج من أهل الأمصار من محاصرته في داره ومنعه الخروج إلى المسجد كتب إلى معاوية بالشام ، وإلى ابن عامر بالبصرة ، وإلى أهل الكوفة يستنجدهم في بعث جيش يطردون هؤلاء من المدينة ، فبعث معاوية مسلمة بن ابن حبيب ؛ وانتدب يزيد بن أسد القشيري في جيش ، وبعث أهل الكوفة جيشاً وأهل البصرة جيشاً ، فلما سمع أولئك بخروج الجيوش إليهم صمموا في الحصار ، فما اقترب الجيوش إلى المدينة حتى جاءهم قتل عثمان رضي الله عنه .
وذكر ابن جرير : أن عثمان رضي الله عنه استدعى الأشتر النخعي ووُضِعت لعثمان وسادة في كوة من داره ، فأشرف على الناس فقال له عثمان : يا أشتر ماذا يريدون ؟ ، فقال : إنهم يريدون منك :
ــ إما أن تعزل نفسك عن الإمرة .
ــ وإما أن تفتدي من نفسك من قد ضربته أو جلدته أو حبسته .
ــ وإما أن يقتلوك .
وفي رواية : أنهم طلبوا منه أن يعزل نوابه عن الأمصار ويولي عليها من يريدون هم ، وإن لم يعزل نفسه ؛ أن يسلم لهم مروان ابن الحكم فيعاقبوه كما زور على عثمان كتابه إلى مصر .
فخشى عثمان إن سلمه إليهم أن يقتلوه فيكون سبباً في قتل امرىء مسلم ، وما فعل من الأمر ما يستحق بسببه القتل ، واعتذر عن الاقتصاص مما قالوا بأنه رجل ضعيف البدن كبير السن .
وأما ما سألوه من خلعه نفسه فأنه لا يفعل ولا ينزع قميصاً قمصه الله إياه ويترك أمة محمد يعدو بعضها على بعض ، ويولي السفهاء من الناس من يختاروه هم ، فيقع الهرج [ أي القتل ] ، ويفسد الأمر بسبب ذلك ، ووقع الأمر كما ظنه ، ففسدت الأمة ووقع الهرج ، وقال لهم فيما قال : وأي شيء إلى من الأمر ، إن كنتُ كلما كرهتم أميراً عزلته ، وكلما رضيتم عنه وليته ، وقال لهم فيما قال : والله لئن قتلتموني لا تتحابوا بعدي ولا تصلوا جميعاً أبداً ولا تقاتلوا بعدي عدواً جميعاً أبداً )) .
نقلاً من كتاب (( الدعوة السلفية الهادية وموقفها من الفتن العصرية الجارية وبيان الأسباب الشرعية الواقية )) لشيخنا العلامة علي بن حسن الحلبي ـ حفظه الله ـ .
المفضلات