من البديهي ان نعرف جميعاً بأن هناك ثقافة معينة تسمى بثقافة العنف فالعنف لا يقتصر على الحروب والنزاعات بين الدول وإنما قد يظهر على شكل ثقافة منفصلة تصيب مجتمع بعينه أو امة بعينها، ولوجود هذه الثقافة في أي مكان عدة اسباب مترابطة ومتشابكة معظمها أسباب إقتصادية...
وكلمة العنف واسعة جداً ولا تقتصر على الحرب أو الإرهاب أو الإيذاء الجسدي بل تشمل عدة تصرفات لا اخلاقية كالتعود على إستخدام الكلمات النابية والسب والشتم والتحقير والإستهزاء وغيرها من الصور التي باتت متأصلة في مجتمعاتنا وتزداد بشكل ملفت للنظر في الآونة الأخيرة فلم يعد الصغير يحترم الكبير او الكبير يعطف على الصغير، وقد فقد كل من الإحترام والحياء الكثير من أثرهما الرادع ،لذلك لم يعودا منبهاً داخلياً يعملان على تصويب وتقويم سلوك الأفراد على إختلاف مستوياتهم ، فالغالبية تريد ان تأخذ حقها بيدها دون النظر إلى عاقبة هذه الطريقة...
صور في غاية البشاعة نلاحظها في الشوارع وأماكن العمل والمدارس وحتى المساجد ودور العبادة تجرح أسماعنا تارة وأبصارنا تارة اخرى، ومن منطلق المعاملة بالمثل نقابل السيئة بالسئة ونضطر أحيانا إلى اللجوء إلى ذلك العنف حتى لو لم يكن ذلك العنف في طبعنا ، وذلك لكونه الطريقة السائدة للتعامل مع المحيط وبدونه قد نسمح لذلك المحيط بممارسة التعدي تلو التعدي علينا وكأن الساكت أو مختصر المشاكل أصبح بسكوته هذا يعطي جواز سفر للآخرين لممارسة القباحة في القول والفعل في حقه...
هذه الثقافة هي التي تؤسس للعنف الإجرامي ،لأنها تكوّن لدى مكتسبها روح العنف وتدفعه لارتكاب أعمال توصف بالإجرامية، ويبدو أن هذه الثقافة قد ترسخت في مجتمعاتنا بشكل يستدعي الوقوف عنده خاصة وأن ممارسة انواع عديدة من العنف لا تجرم الفاعل -في كثير من الأحيان -وقد شهدت تطوراً كبيراً في السنة الحالية نتيجة للحالة الإقتصادية المتردية التي نعاني منها إضافة إلى ضعف الدور التي تقوم به مرجعياتنا الإجتماعية كالمدرسة والمسجد والجامعة...
الواقع يحتم النظرة إلى الأشياء وفحصها قبل تبنيها أو الدخول فيها ووضع مصلحة العامة فوق كل اعتبار لأن الحياة لها أسسها وقوانينها الطبيعية والمكتسبة وللإنسان قيمته التي يجب أن تقدر ليخدم ويقدم لأخيه الإنسان ما يحتاج إليه. لذلك أوجه دعوة لكل إنسان يقرا هذه السطور ليعيد النظر في تصرفانته وطريقة التعامل مع محيطة فإن بدأنا بأنفسنا ووجهنا النصح والإرشاد لمن هم حولنا وفي محيطنا سنحاول ان نغير قدر الإمكان مما نعاني من عنف متبادل ،،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان --- أخرجه مسلم.
المفضلات