تتأثر شخصياتنا كثيرًا بترتيب ميلادنا و''رقمنا ''بين اخوتنا واخواتنا وبمدى رؤيتنا لوضعيتنا ودورنا في الأسرة، مثلما تتأثر بالعوامل الوراثية، وأسلوب التربية، والخلفية الثقافية والحالة الاقتصادية لذا فإن أول مكان نعرف فيه أننا مختلفون، ونحدد مدى هذا الاختلاف هو محيط الأسرة التي تجمعنا.
و أكبر الأبناء في الأسر المختلفة تجمع بينهم العديد من الصفات المشتركة أكثر من تلك التي تربطهم وإخوانهم داخل أسرتهم، وينطبق نفس الشيء على الأخوة حسب ترتيبهم في الأسر ، فتجد الأخ الأكبر في الأسرة يشترك في قواسم مشتركة مع أخ أكبر في أسرة أخرى أكثر من القواسم التي تجمعه مع أخيه، وينطبق نفس الأمر على الأخ الذي يليه وهكذا.
فالطفل رقم واحد في الأسرة هو أول طفل يبحث عن منطقة يشعر فيها بالتميز، وغالبًا ما يقرر أكبر الأطفال سنًا أن تميزه يكمن في كونه الأول والأفضل بين إخوته وربما يقرر أن يكون متميزًا من خلال كونه متحملاً للمسؤولية، ومتعاونًا، وذكيا، ومهذبًا، فهو القائد، قبل أن ياتي للأسرة الطفل رقم اثنين والذي عادةً ما يجد أن المكان الأول بأثيريته وامتيازاته قد احتله الأخ الأكبر، وعليه أن يختار طريقة أخرى تمكنه من تحقيق الخصوصية والتميز.
وقلة من هؤلاء الأطفال من يقبلون تحدي المولود الأول في المنطقة التي جعلته الأفضل. ولذلك ينحى الطفل الثاني أو رقم اثنين لان يكون حلو المعشر، ومحبوبًا اجتماعيًا، وثرثارًا وعلى الاغلب أقل قدرة على تحمل المسؤولية وقنوعًا؛ لأنه يدرك عدم قدرته على مجاراة أخيه الأكبر.
وفي حال أتى المولود الثالث يتربع الطفل الثاني في منطقة الوسط فربما يشعر بأنه منحصر بينهما، ويرى الحياة غير عادلة لأنه لم ينل صلاحيات الطفل الأكبر أو مميزات الطفل الأصغر. وربما يكون أصغر الأطفال ظرفا ومصدرًا للتسلية والمرح، ويشعر بعضهم أنهم في حاجة إلى مزيد من الرعاية، وتعلم مهارات المراوغة واللطف، وغالبًا ما يعتقدون أن لهم الحق في أن يعاملوا معاملة خاصة.
وهناك أطفال آخرون ينافسون من يكبرونهم، ويحاولون مجاراة وتخطي بقية إخوانهم،اذا ما توافرت لهم ظروف أسرية ملائمة وعادلة أما الطفل الوحيد فهو من يجمع بين صفات أكبر الأطفال و أصغر الأطفال؛ وذلك يعتمد على ما يقرره الطفل، فقد يرى الوحيد أن تميزه وتفرده يكمن في كونه الاول والاخير دون منافس. ويعد معرفة الأهل بأثر ترتيب ميلاد أطفالهم على شخصيتهم من الأمور التي تساهم في سبل توجيهم والعمل معهم وذلك من خلال تشجيعهم؛ حيث يحتاج الأخ الأكبر إلى إظهار الاستحسان له لكونه قياديًا ومتعاونًا، مما يجنبه الشعور بأنه خادم لإخوانه الأصغر . فضلاً عن اهتمامنا وتشجيعنا له للتعبير عن مشاعره وعما يحتاج إليه أو يريد، وينبغي أن يدرك أنه من المقبول أن يخطئ وليس بالضرورة أن يكون على صواب دائمًا.
ويحتاج الطفل الثاني إلى متنفس يختلف عن متنفس الأكبر منه، فإذا اظهر تبرمه او ما يؤشر لشكواه بأن الحياة غير عادلة فعلينا أن نصغي إلى مشاعره ونتفهم غضبه وآلامه.
بينما يحتاج الطفل الأوسط إلى تواصل مباشر بيننا وبينه، ومن المهم أن تبنى علاقة حميمة مع هذا الطفل والذي ربما يُخْفي احتياجاته كطريقة للشعور بالأمان. ومن الخطوات الصغيرة التي تمكنا من فعل ذلك هي أن يشعر بحناننا اتجاهه بشكل خاص ، ويتم ذلك بتوجيه وتشجيع نقاط القوة لديه وتنمية مواهبه الفطرية ، وغالبًا ما يعتقد الطفل الأوسط أنه لا بد أن يكون حمامة سلام داخل الأسرة.
وتخطئ كثير من الاسر حين لا تعامل أصغر اطفالها بنوع من الجدية ،وتكتفي بدور الظرافة وتعتبره تسليتها أو لعبتها دون السعي لتطوير مهاراته ، وعليها أن تمنحه فرصة تحمل المسؤولية عن طريق إشراكه في الأعمال المنزلية البسيطة ،كترتيب غرفته وتعويده المهارات الذاتية كالاستيقاظ في الصباح ، واختيار ملابسه .
واجبنا كمانحي الرعاية لأطفالنا بأن لا نعقد مقارنات بينهم ؛ فلكل منهم وجهات نظر مختلفة، ويحتاج كُلٌّ منهم لإيجاد الطريقة التي تميزه داخل الأسرة، وينبغي علينا أن نرى كل فرد بخصوصيته وتميزه عن الآخرين.بالإضافة إلى ضرورة أن لا نتوقع من الطفل الأكبر أن يتحمل مسؤولية إخوانه الصغار كاملة؛ فكلهم أطفال يحتاجون إلى تشجيعنا ومساعدتنا ليكبروا.
رد مع اقتباس
المفضلات