عودة المعلمين عن اضرابهم والتحاق الطلبة بمدارسهم وانتظام المسيرة التربوية تكشف في جملة ما تكشفه اصالة الاردنيين وقدرتهم على تجاوز الخلافات وتقديم المصلحة الوطنية العليا علي اي مصلحة او مكاسب مادية, بعد ان تبيّن للجميع ان الحكومة لم تكن في وارد التنكر لوعودها او التراجع عن زيادة ال100% على العلاوة المهنية والفنية, بل هي الصعوبات المالية التي تعانيها الموازنة العامة وانحسار هامش او امكانية تدبير المبالغ المترتبة على منح هذه الزيادة مرة واحدة هي ما جعل الوصول الى توافق مع المعلمين يستغرق هذا الوقت الذي نحسب ان المعلمين ووزارة التربية سيبذلون اقصى الجهد لتعوض الطلبة عما فاتهم بسبب التوقف عن تلقي الدروس.
وعلى رغم القلق الذي استبد بأهالي الطلبة جراء حوالي اسبوعين من الاضراب, اضطربت فيه المسيرة التربوية وأشرّت على امكانية حدوث ارباكات في العملية التعليمية, الا ان الحكمة هي التي انتصرت في النهاية وعلى الجميع الان استخلاص الدروس والعبر مما حدث, حيث يجب ان تغيب عن قاموسنا كلمات او مصطلحات من قبيل انتصرنا او تراجع غيرنا وغيرها من الاوصاف التي يصعب على احد تقبلها او سماعها, لأن منطق المصلحة الوطنية هو الذي يجب ان يسود لا منطق الاستقواء أو ليّ الاذرع او التحريض.
حكومة الرئيس عون الخصاونة كانت متفهمة لمطالب المعلمين ومتجاوبة مع حقوقهم ودعمت في شكل لا يقبل التأويل هذه المطالب ولم تتردد في الحوار مع المعلمين ودعوتهم الى تفهم اوضاع الموازنة بل هي طرحت بالارقام والنسب المئوية حجم الزيادة التي طرأت على علاوات المعلمين وما استفادوا منه بعد عملية الهيكلة التي كان نصيب المعلمين هو الأعلى مقارنة بباقي الموظفين.
آن الاوان لأن نتحلى جميعا بالمرونة وان نتخذ الحوار وسيلة وحيدة لحل مشاكلنا قبل اللجوء او التهديد باجراءات يعلم كلنا أنها تضر بالاقتصاد الوطني وتربك مسار الحياة الطبيعية وتعرض الأمن والاستقرار للمخاطر بل وتصيب مصالح الاغلبية بالضرر.
المفضلات