المحامي محمد الصبيحي
كتبنا قبل رحيل الحكومة السابقة عن موظف محكمة بداية السلط الذي رفض رشوة مقدارها خمسين ألف دينار قدمت إليه عدا ونقدا في حقيبة وقام بالتنسيق مع رئيس المحكمة بتسليم الراشين مع المبلغ المضبوط متلبسين بالجريمة.
قلنا أنه مرت الأسابيع ولم يقل أحد لهذا الموظف الشريف شكرا حتى بات الرجل محل تندر فيقال له (خلي نزاهتك تنفعك) ، وحينها قرأ دولة الرئيس نادر الذهبي المقال وجرت محادثة هاتفية بيننا أعلمني فيها أنه سيقوم بتكريم هذا الموظف في رئاسة الوزراء وأشاد حينها بما يقوم به مدير الامن العام من تكريم للمواطنين الشرفاء الذين يساهمون في كشف الجرائم وما يقوم به الزميل مدير وكالة الانباء الاردنية باختيار الموظف والصحفي المثالي في الوكالة كل شهر، ثم أتصل بي مدير مكتب دولة الرئيس لاحقا وأعلمني أن دولته كلف وزير العدل باجراء الترتيبات لتكريم ذلك الموظف الشريف.
مر شهر على اتصال الرئيس الذهبي ولم يحدث شيء حتى رحلت الحكومة، غير أن زميلنا في الأسرة القانونية وزير العدل الذي عاد الى منصبه في الحكومة الجديدة لم ينكث بوعد الرئيس نادر الذهبي وقام بالمهمة خير قيام، حين أرسل اليه شيكا بمبلغ مائتي دينار تم حسم الضريبة منه فبلغت قيمته ماية وثمانية وثمانون دينارا ونصف دينار مسحوبا من حساب وزارة العدل لأمر السيد محمد صالح محمد النسور وهو الكاتب العدل في محكمة بداية السلط ، بالاضافة الى كتاب شكر ،، ربما يكون المقصود منه الشكر على قبول المبلغ.
يرفض خمسين ألف دينار كان يمكنه قبولها بدون أي مستمسك قانوني ضده فالتزوير في الاوراق التي قدمت اليه كان متقنا تماما وعليه تصديقات دوائر أخرى ولا مسؤولية عليه في اعتمادها ، فيكافأ بمائتي دينار.
كانوا يقولون (خلي نزاهتك تنفعك) أما اليوم فقد أضافوا اليها كلمات أخرى، وصاروا يقدمون له التهاني بالمكافأة ولست أبالغ ان قلت أن هناك من أقسم أن يتجنب النزاهة بعد حادثة كاتب عدل السلط.
السيد محمد النسور ما زال يحتفظ بشيك التكريم السخي ولن يصرفه ويقول أنه سيضعه في أطار من الفضة ويعلقه داخل مكتبه في محكمة السلط ليكون عبرة لكل موظف يرفض الرشوة والمال الحرام.
أول نشاط رسمي لدولة الرئيس الرفاعي كان زيارة المجلس القضائي وهيئة مكافحة الفساد فرحنا بما صرح به الرئيس هنا وهناك ، فتقديره ودعمه للقضاء كان محط اعجابنا جميعا والرمزية في النشاط الاول أشارة الى الشفافية والعدالة والمصداقية.
نحتاج الى تعديل في قانون العقوبات وتعديل في نظام الخدمة المدنية لإضافة نصوص قانونية تمنح الموظف الحق في تقاضي ربع أو نصف قيمة المبلغ المقدم اليه كرشوة اذا أبلغ السلطة وتم ضبط المبلغ وحكمت المحكمة بمصادرته لحساب الخزينة ، وهكذا نشجع الموظف الأمين ونقطع دابر الرشوة ولن يجرؤ فاسد على عرض رشوة على موظف.
مكافآت وأعطيات كانت توزع ذات اليمين وذات الشمال لمن لا يقدمون غير النفاق والبضاعة الكاسدة أما الموظف الشريف فيلقى الشيء البسيط.
ستصادر المحكمة مبلغ الخمسين ألف دينار لحساب الخزينة أما كان من الأجدر أن يمنح الموظف مكافأة محترمة أو نكتفي بدرع تكريم وكتاب شكر بحضور مندوبي الإعلام؟؟.
لا أقول إلا (صبر جميل والله المستعان على ما تصفون)، ودعونا نتظر ما يكون رأي دولة الرئيس سمير الرفاعي.
المفضلات