خبرني - كتب المهندس جمال راتب : أعداد غفيرة من المواطنين لا يزال يعلق في أذهانهم يوم الانتخابات النيابية قبل سنتين كيف داهمت الحافلات المحملة بالركاب مراكز الاقتراع, ناخبين مستورَدين بجميع المقاييس والأقيسة, الأمر الذي أدى إلى انتفاخ في عدد الأصوات وتضاعف عددها مقارنة مع السنوات السالفة.
شراء الأصوات أيضًا كان أحد عناوين تلك المرحلة؛ حيث كان يتم بطريقة مكشوفة لدرجة أنه أصبح هو الطبيعي ومن لا يدفع يعتبر نشازًا, إضافة إلى ذلك فإن من تأخر إلى فترة التمديد التي تلت الوقت المفترض لإغلاق الصناديق قد استفاد من رفع أسعار الأصوات حيث تضاعف الرقم ليصل إلى مئتي دينارأو أكثر.
هذه القصص وقصص أخرى دارت في دوائر انتخابية أخرى وتناقلتها الفضائيات بالصوت والصورة كانت مدار حديث الناس خلال السنتين الماضيتين في مجالسهم الخاصة والعامة إلى أن جاء قرار حل البرلمان, في هذه اللحظة انطلق الجميع مقدرين هذه الخطوة التي أكدت مقولة " من الخطأ أن يستمر الخطأ ". سعدنا والله بالحل لأنه كان هو الحل.
لكن السؤال الذي سيبقى في حلق كل أردني ولن تخفيه السعادة بالحل وهو : من يستطيع أن يضمن لنا أن الانتخابات القادمة ستكون أصلح حالاً من حيث المظهر والمخبر من الانتخابات السالفة؟
مع كل الاحترام للناطقين الرسميين, لكنهم أنفسهم لا يستطيعون أن يقنعوا أحدًا – ولا حتى المقربين منهم– بأن مآسي أعراس الديمقراطية السابقة لن تقفز أمامنا مرة أخرى.
شهدنا عرسين في عام واحد (2007 ), الأول كان للبلديات وجرى فيه العجب العجاب, وبعد ذلك نادى رئيس الوزراء – في حينها– الجميع إلى نسيان ما فات والإقبال نحو المستقبل الزاهر والمشاركة في العرس الثاني, انتخابات نيابية أبلغ ما جاء فيها أنه تم حل مجلسها!
هل بقي أي هامش من الضمانات لم يتم استنفادها؟ الناس لم تعد تؤمن بالوعود والكلام المنمق, منهجنا في ذلك التوبة في الشريعة, والتوبة لا تكون نصوحة إلا إذا تحقق فيها أربعة شروط:
أولاً : الاعتراف بالذنب .
ثانياً : الندم .
ثالثاً : العزم على الترك .
رابعاً : مفارقة البيئة التي تمت فيها المعصية.
هل هذا واضح؟ أي أننا لا نقبل من أحد أن يلدغنا مرة أخرى, بل نريد أن نرى توبة نصوحة كاملة حتى نذهب إلى الصناديق مرة أخرى, ولا يأتي الكمال في العرس القادم ما لم تشطب الأصوات المهاجرة ثم يتم كف الأيدي التي تدخلت في الانتخابات السابقة فلا نرى لها أي وجود في اليوم الموعود.
فإن تم هذا فنستطيع أن نقول : عفا الله عما مضى , وإلا فـ "لا وألف لا" .
المفضلات