السلام عليكم
من النعم التي أنعم بها الله على الإنسان هي أنه لم يُعلم الشيطان سبيل الدخول إلى القلب ، لذا فالشيطان يوسوس في (صدور الناس) لا قلوب الناس ، نحن الذين ندعه يعيش في صدورنا حتى يحتلها و يتحكم في قلوبنا
تخيل معي هذه الصورة
قلبك قصر ، و القصور دائماً ما يكون لها حدائق ، إن علمت أن هناك عاصفة رملية متجهة نحو قصرك ، ماذا أنت فاعل؟ بالتأكيد ستأمر الخدم بإغلاق النوافذ و الأبواب ، و بعد ن تنتهي العاصفة ستأمرهم بتنظيف الحديقة و بأبسط مجهود سيتم تنظيف ذرات الغبار التي دخلت القصر
و لكن منا من لا ينظف الحديقة ، ولا يغلق النوافذ ولا الأبواب ، فيدخل التراب إلى القصر و يغمر الحديقة ، و عاصفة بعد أخرى تجد تلالاً من الرمال في حديقة قصرك و التي لا يمكن إزالتها ببعض الفرش و الممسحات ، بل إنها تحتاج إلى جارف و رافعات
إن ساحة القصر هي صدرك ، و القصر هو قلبك ، و العواصف هي الشهوات و الشبهات التي يلقي بها الشيطان عندك ، و أنت الذي يأمر جوارحه بالتعرض لهذه العواصف أو باجتنابها ، و التوبة و الإستغفار هي التي تنظف صدرك من آثار هذه العواصف
ولكن منا ذلك الذي يترك قلبه مفتوحاً على مصراعيه لمواجهة العواصف فيصبح مغموراً بالرمال و الأتربة
فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم:
تُعرَض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً ، فأي قلب أُشربها نكت(1) فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض ، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخيا(2) لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه. رواه مسلم و أحمد
(1)النكتة : النقطة والعلامة والأثر ، وأصله من النكت في الأرض وهو التأثير فيها بعصا أو بغيره
(2)المجخي : المقلوب
فمن منا ينظف قصره الآن ؟
ومن منا يتركه على حاله تحت الركام؟
تضرع لربك
يا من يرى ما في الضمير ويسمع ** أنت المعد لكل ما يتوقعُ
يا من يُرجى في الشدائد كلها ** يا من إليه المشتكى والمفزعُ
يا من خزائن رزقه في قول كن ** امنن فإن الخير عندك أجمعُ
مالي سوى فقري إليك وسيلة ** فبالافتقار إليك فقري أدفعُ
مالي سوى قرعي لبابك حيلة ** فلئن رُددت فأي باب أقرعُ
ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ** إن كان فضلك عن فقيرك يُمنعُ
حاشا لجودك أن تقنط عاصيا ** فالفضل أجزل والمواهب أوسعُ
و من الوسائل التي أوصى بها سلفنا الصالح و نبينا صلى الله عليه و سلم في تنظيف القلب و إنعاشه مرة أخرى:
عن أبي هريرة
أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه ، فقال له: إن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم. رواه أحمد و الطبراني و قال الألباني: حسن لغيره
قال رجل للحسن: يا أبا سعيد ، أشكو قسوة قلبي ، فقال: أذبه من الذكر
شكا رجل لمالك بن دينار قسوة قلبه ، فقال له: أدمن الصيام ، فإن وجدت قسوة فأطل القيام ، فإن وجدت قسوة فأقل الطعام
وقال إبراهيم الخواص: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بتدبر ، و خلاء البطن ، و قيام الليل ، و التضرع عند السَحَر ، و مجالسة الصالحين
اقبل على الله و ناجيه:
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا ** وقمت أشكو إلى مولاي ما أجدُ
وقلت يا عُدتي في كل نائبة ** ومن عليه لكشف الضر أعتمدُ
وقد مددت يدي والضر مشتمل ** إليك يا خير من مددت إليه يدُ
فلا تردّنها يا رب خائبة ** فبحر جودك يروي كل من يردُ
[color="red"]اللهم طهر قلوبنا من الشهوات و الشبهات
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك[/
color]
المفضلات