تؤشر المباحثات التي اجراها جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في عمان يوم امس الى الاهمية التي يوليها المجتمع الدولي للدور الأردني الحيوي والفاعل والمحوري في قضايا المنطقة وخصوصاً في ظل النشاط السياسي والدبلوماسي المكثف الذي شهدته عمان في الاشهر والأسابيع الماضية حيث زارها اكثر من رئيس دولة ورئيس وزراء ووزراء خارجية ووفود برلمانية عكست في جملة ما عكسته طبيعة وحجم الدور الأردني في حفظ امن واستقرار المنطقة والتأكيد على رؤيته وقراءته الدقيقة للمشهد الاقليمي بابعاده المختلفة وبخاصة ازاء الازمة السورية المتفجرة والتي دأب جلالة الملك على الدعوة والتأكيد على ضرورة وقف العنف وسفك الدماء هناك والحاجة الماسة للتوصل الى حل ينهي معاناة الشعب السوري وهو ما كان موضع اتفاق بين وجهتي نظر جلالة الملك وضيفه البريطاني..
وإذ شكلت زيارة السيد كاميرون للأردن فرصة لاعادة التأكيد على حرص عمان ولندن المتبادل على تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات وبما يحقق مصالحهما المشتركة فإن الآفاق مفتوحة امام البلدين للارتقاء بعلاقات الصداقة التقليدية التي تربطهما الى مستويات وآفاق اوسع افقياً وعامودياً وبما يرفع من حجم التبادلات التجارية والاستثمارية ويسهم في تطوير روابط تجارية اقوى وتعاون اقتصادي مثمر بين البلدين وهو ما تجلى في اعلان رئيس الوزراء البريطاني تعيين مندوبة تجارية للمملكة المتحدة في الاردن تتولى هذه المهمة.
الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لم يغب عن جدول مباحثات الزعيمين وكان الاتفاق بينهما واضحاً وجلياً وخصوصاً ازاء اهمية احياء الجهود المستهدفة حل الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين وحث الجميع على احترام مبدأ حل الدولتين وفي الآن ذاته تأكيدهما على ضرورة التوصل الى اتفاق حول القضايا الاساسية التي تهم الأردن كالأمن والحدود واللاجئين والمياه والقدس..
ولا يغيب عن البال ان جلالة الملك الذي حسم مسألة الاصلاح وقال في شكل لا يقبل التأويل او الاجتهاد ان لا رجعة عن الاصلاح ولا نكوص يحرص على وضع زعماء العالم أجمع في تفاصيل المشهد الأردني الديمقراطي الذي يستهدف الوصول الى غايات وأهداف نبيلة تكرس الأردن نموذجاً يحتذى في الديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وهو ما لفت جلالة الملك نظر ضيفه البريطاني وبخاصة في الخطوات التي تم انجازها على هذا الطريق وصولاً الى انطلاق تجربة الحكومات البرلمانية بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الثالث والعشرين من كانون الثاني المقبل وبخاصة ان السنوات المقبلة ستكون مهمة في تاريخ الأردن السياسي حيث ستشهد تشكيل الحكومات البرلمانية ودورها في بلورة السياسات الهادفة الى التغلب على التحديات الاجتماعية والاقتصادية ابتداء بالاصلاح السياسي وحتى ازمة الطاقة وهي جهود تلقى تجاوباً شعبياً وتحظى بنقاش وطني واسع يجد في الحوار وحده طريقة لانجاز المهمات واستكمال الاهداف الوطنية.
المفضلات