استغاثة أهل القدس ... د. موسـى الكـيـلاني
في أحدث كتاب عن الحروب الصليبية, نشرته دار امازون قبل عامين, يقول المؤلف ثوماس آسبريدج الذي وثّق معلوماته من عدة مصادر, ان القائد المسلم يوسف نجم رائف ايوب, قد ارسل مبعوثيه الى أمراء المسلمين في سوريا واليمن وتهامة والعراق يطلب مساعدتهم بالجنود او الاموال لتمويل حملته لتحرير القدس قبل عامين من وصوله اليها, ولكن بعضهم اعتذر منه لانهم يخشون الجيوش الاوروبية المعادية. فقرر قبيل حصاره للقدس, القضاء على تلك الإمارات المتخاذلة, وتجنيد شعوبها ليشكلوا جيش الشام, ورفض الملك بولدوين ما عرضه عليه صلاح الدين وهو مبلغ مائة الف قطعة من الذهب, لقاء عدم مقاومة الجيوش الاسلامية.
وبعد تحريره لجبال العلويين, قال صلاح الدين علينا تطهير الأدني ثم الأقصى, والتي غدت مبدأً استراتيجياً يدرسه الطلبة في الكليات العسكرية.
وعندما خاض المسلمون معركتهم في سهول حطين ما بين الناصرة وطبريا يوم 4 تموز 1187 كان عدد جندهم 24 الفاً, ومنهم 16 الفاً من ابناء السودان، والاخرون من ابناء اليمن، والعراق, وتهامة ومصر وهي الشعوب التي لم تطأ الجيوشُ الاجنبية ارضَها.
تذكرت تلك الاحداث عندما اصدر ملتقى القدس قبل أيام استغاثته لامراء العرب ورؤساء جمهورياتهم ان يقدموا الدعم الدبلوماسي والسياسي لمقاومة مخطط تهويد المسجد الاقصى المبارك من خلال تقسيمه كخطوة اولى ثم الاستيلاء عليه كاملاً وأقامة هيكل سليمان الثالث على انقاض المسْجديْن: قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى المبارك. ويقول بيان منتدى القدس ان الكنيست الاسرائيلي بصدد إقرار قانون جديد خلال اسبوعين, يدعى قانون جبل الهيكل ينص حرفياً على بناء كنيس في الباحات الواقعة بين المسْجديْن, وتقسيم المكان زمانياً وميدانيا وجغرافياً بين المسلمين واليهود: للصلاة والتعبد والاحتفالات وتنظيم وفود الزوار.
يقول مكتب الاحصاء الفلسطيني ان 144 مستوطنة تحيط بالقدس, إحاطة السوار بالمعصم, يسكنها عتاة المتدينين العنصريين, يتزعمهم الحاخام فيجلين, ويبلغ عدد أولئك المستوطنين ما يقارب ثلاثمائة الف اسرائيلي من مجموع سكان القدس البالغ عددهم مليوناً ونيف, منهم 80% يهوداً.
وبالإضافة للطوق الاضيق من المستوطنين المحيطين بالقدس, فهناك الطوق الاوسع من المستعمرات الممتدة على كامل اراضي الضفة الغربية من شمالها الى جنوبها, ويقطن بتلك القلاع الاستيطانية ما يقارب من 321 الفاً من غلاة المتطرفين اليهود, وهم الذين انتقلوا من ضواحي الخليل في كريات ارباع الى مناطق أخرى لتكثيف التوسع الاستيطاني.
لقد استطاع المؤرخون في جامعة تل ابيب ان يُـزَيِّفُوا سجلاً جديدأً تحت اعمدة المسجد الاقصى حيث يزور السائح القناة التي نقلت المياه من سلواد الى خزانات تحت الارض لتمكين المدافعين عن المدينة من مقاومة الحصار الخارجي لمدة زمنية اطول, وأضاؤوا بالكهرباء اقواس البناء وصالات الاجتماعات تحت اعمدة مسجد عمر بن الخطاب.
فماذا تستطيع الشعوب والدول الاسلامية ان تعمل لتلبي استغاثة اهل القدس قبل ان ينجح تهويد الاقصى؟
لقد برعت اسرائيل في تطبيق استراتيجية هتلر السياسية بفرض الامر الواقع الذي تريده على الارض عسكريا وبالقوة, ثم لترك السياسيين يتفاوضون.
وللاهل في القدس نقول: ولكن لا حَياة لمن تُنادي .
المفضلات