صندوق العروس يا معبى احلام .. بالكحل و الحنا و بريش النعام ..
و البنات يطلن من بين الخيام .. يا غزلان الحي التموا عَ العروس ....
هاهي يا سميره يا خصيلة عنب .. طلبنا ابوها ما رد الطلب ..
شنشلوا المزيونه تراكي الذهب .. و انثروا الريحان مطرح ما تدوس ..
صندوق العروس معذور اللي جن .. مثل نجوماً بالسما يتوهجن ..
شالن البراقع تا يتفرجن .. من تحت البراقع تتجلى الشموس ..
و بعباة العم و بحنية الخال .. مشيتي عَ الحرير ربيتي عَ الدلال ..
يا غوايش فضه يا رنة خلخال .. لايقلك الخصر يا بنية ملبوس ..
هذه الكلمات من اغنية تراثية جميلة بعنوان «صندوق العروس « كتبها شاعرنا الراحل حبيب الزيودي وغناها صديقه المطرب الشاب يحيى صويص حتى ذاعت واشتهرت كثيراً في الاردن والخليج العربي.
وهذا الصندوق الخشبي هو من رموز التراث العربي حيث دأبت كل من أمهاتنا وجداتنا على اقتنائه في جهازها عندما تنتقل إلى بيت عريسها ..
ومن دراسة للباحثة مهى قمرالدين في مجلة العربي عن تاريخ هذا الصندوق تشير الى ان الصناديق مصنوعة من الخشب من أجل حفظ الأشياء أو نقلها من قطع الأثاث الأكثر بدائية ، كما أنها لم تكن تستخدم في الحفاظ على الأشياء ونقلها فقط
بل كانت تستعمل عبر العصور للجلوس أو كطاولات لمختلف الاستعمالات أو حتى إذا كانت كبيرة بما فيه الكفاية كأسرة للنوم .. وقد تشاركت معظم مناطق العالم العربي بهذه الحاجة للحفاظ على الممتلكات ونقلها حتى أصبح العرب قديماً من أهم مستخدمي ما يُعرف بالصناديق العربية المزينة والمزخرفة والتي كانت موجودة بشكل كبير في منطقة الخليج العربي وعلى شاطئ المحيط الهندي, حيث استقر وتجول العرب ومارسوا التجارة عبر تلك المناطق خلال مئات السنين .
وبما أن العالم العربي وخصوصاً الخليج،كان خالياً من الأخشاب، كان على العرب إما استيراد هذه الصناديق أو استيراد الخشب لصناعتها.
استخدامات الصندوق
كانت هناك أنواع واستخدامات عديدة للصندوق العربي منها صندوق الداو الخشبي أو الذي يسمى بصندوق السفينة الذي يستخدم على السفن لنقل البضائع الحساسة والثمينة .
وهو يتميز بكونه صندوقاً بسيطاً خالياً من المقابض ،له ثلاثة أخاديد متوازية حول الغطاء وله جوارير خالية .
وهو غالباً ما يعلق بحبال لكي يُثبت ولا يتأرجح بين طوابق السفينة . كما أنه مصنوع من الأخشاب المعشقة بشكل جذاب جداً .
وهناك الصناديق التي تستخدم لنقل الذهب والفضة أو البهارات من بلد إلى آخر ،وهي تسمى بصناديق السكر البرتغالية، ذلك لأن البرتغاليين هم الذين كانوا يصنعونها ويجلبونها معهم إلى عُمان . وبعد أن انسحب البرتغاليون من عُمان في العام 1650 تركوا العديد منها هناك وتابع التجار العمانيون استخدامها، إلا أنها أصبحت نادرة جداً الآن، ومما يميزها أقفالها الحديدة الضخمة ومفصلاتها الكبيرة .
صندوق مزخرف
غير أن أشهر هذه الصناديق العربية -الذي هو متأصل في التقاليد والعادات العربية الجميلة - هو صندوق العروس الخشبي الذي يحمل تسميات عدة وفقاً للبلد التي يستخدم فيها . فهو يسمى في دول الخليج بصندوق» المهر» أو صندوق «الأمل « ويسمى في منطقة حوران وبلاد الشام بِصندوق « الست « وهو يستخدم لوضع أغراض العروس من ملابس وتحف وزينة ومجوهرات دأبت العروس على توافره في جهازها عندما تنتقل إلى بيت عريسها , وهو عبارة عن صندوق خشبي كبير نسبياً يكفي لوضع حاجيات العروس الأساسية . وكان ينبغي على العروس والسيدة المتزوجة أن تحافظ عليه وتهتم به . لأنه ذكرى مهمة وغالية بالنسبة إليها ولزوجها . وكانت السيدات يتوارثنه عن بعضهن البعض، بحيث تورثه الأم لابنتها البكر وهكذا دواليك . وكان يصنع حسب حالة العريس المادية . فكما كبر حجمه وازدادت زخرفته دل على عظم شأن العروس وعلو مكانتها الاجتماعية فهي تتباهى به أما م صديقاتها وجيرانها وأهلها, و إن العروس « كانت تشعر بالفرح عندما تحضر صديقاتها إلى منزلها لمشاهدة جهازها الذي يوضع في الصندوق الخشبي . فعندما تقوم العروس بفتح الصندوق , تقوم والدتها وشقيقاتها بتوزيع الحلوى والهريسة والملبس على الحاضرين .
وهناك أشكال وأنواع مختلفة من صندوق العروس هذا , من أهمها صندوق المهر العُماني الذي بجلبه البحارة من بلاد الهند وزنجبار , وصندوق « الساباط « الذي يستخدم في أنحاء دول الخليج الأخرى . أما الزينة التي كانت تغطي جميع الصناديق فتتكون من الأنماط التجريدية وشبه التجريدية . ولأن الحضارة الإسلامية لا تشجع استخدام صور الأشخاص والحيوانات , فغالباً ما كانت تزين بالنباتات الأنماط الهندسية المختلفة وحتى الكتابات العربية .
الوقاية من الشر
ومن مميزات الصندوق العُماني أنه غالباً ما كانت تحفر عليه كلمة سِرّي , إما لأن الصندوق يحتوي على جوارير سرية وإما لأنه مصنوع في منطقة سراط في الهند . وهو يزين بالمسامير النحاسية , لأن الاعتقاد كان سائداً بأن النحاس يقي من الشر , بينما الحديد يجلبه . وكانت الصناديق العمانية تدهن على أغطيتها وجوانبها بلون الزفاف وهو اللون الأحمر , وتتميز مقابض هذه الصناديق بأناقتها بين الطراز الأساسي المربع إلى النحاسي المزخرف الثقيل بينما تكون مقابض الجوارير الأمامية بسيطة للغاية . وفي الجهة الأمامية من مكان غلق الصندوق , هناك قفل نحاسي مربع . وكانت بعض مفاتيح هذه الأقفال تحمل جرساً صغيراً كإنذار على أن أحدهم يعمل على فتح الصندوق دون إذن .
أما صندوق « الساباط « الذي كان يستخدم في سائر دول الخليج فتحيطه الزخرفة من كل جانب , وخصوصاً الزخارف التي كانت تثبت بدبابيس صغيرة على شكل نجوم لجهات الصندوق الثلاثة . ويحتوي هذا الصندوق على ثلاثة أدراج أو بيوت صغيرة تفتح إلى الأمام , مزودة بمقابض حديد ليسهل فتحها وغلقها . فيما تثبت على سطحها صفيحة من الحديد ذات زخرفة جميلة تسمى القصة نسبة إلى قصة الشعر الأمامية , وتتدلى هذه القصة أخرى من الحديد تسمى « البرزة « يوضع بها القفل المناسب لحماية من العبث أو السرقة . ويصاحب هذا الصندوق دائماً سلة دائرية توضع فوقه مصنوعة من الخيزران والأسل لها غطاء على شكل قبعة تفصل بينهما قطعة من البساط الخفيف أو « بردة « . ويوضع في هذا الصندوق درج خشبي متوسط الحجم يسمى « الصنجة « من دون غطاء تحفظ فيه أدوات الزينة والعطور بالإضافة إلى بيت صغير له غطاء داخلي يرفع إلى الأعلى , وبيت آخر بغطاء جانبي لحفظ الأوراق والمستندات والمجوهرات والصكوك والعقود الخاصة بالعروس وزوجها .
ومع أن الصندوق العربي القديم فقد سطوتة واحتلت الخزانة العصرية التي تفتح وتغلق بالأرقام الإلكترونية
وربما بالريموت مكانه ، إلا أنه يشكل تراثاً رائعاً لا يزال يسعى إلى اقتنائه محبو وهواة قطع الأثاث القديمة ،
لأنه يحمل معه عبق التاريخ وسحره .
وليد سليمان - عن الرأي
المفضلات