*** نعيب زماننا والعيب فينا .... !!! ***
هذه أبيات من قصيدة لم تنشر من قبل كتبها شاعر العروبة الكبير نزار قباني وهو على فراش المرض قبل رحيله بفترة قصيرة ونشرتها صحيفة الحياة أمس :
لا تسأليني عن مخازي أمتي ما عدت أعرف ؟ حين أغضب؟ ما أريد ...
وإذا السيوف تكسرت أنصالُها فشجاعة الكلمات ... ليس تُفيد ..
****
لا تسأليني ...
من هو المأمون ... والمنصورُ ؟
أو من كان مروانٌ ؟ ومن كان الرشيد ؟
أيام كان السيف مرفوعاً ...
وكان الرأس مرفوعاً ..
وصوت الله مسموعاً ..
وكانت تملأ الدنيا ..
الكتائب ... والبنودُ
واليوم تخجل العروبة من عروبتنا ...
وتخجل الرجولةُ من رجولتنا ....
ويخجل التهافت من تهافتنا ...
ويلعننا هشام والوليد ...
****
وهذا ذكرني بشيىء من قصيدة للشاعر يوسف الخطيب يقول فيها :
أأمتي يا شموخ الرأس متلعةٌ
من غلَّ رأسك في الأوحال والرَّكب
أأنت .. أنت أمْ الأرحام قاحلة
وبدَّلْتِ عن أبي ذرٍّ أبا لهب ؟
****
الآن هناك ، بسبب التشاحن على كركوك ، موجة غضب على الأكراد تحملهم مسؤولية كل هذا الذي جرى للعراق وكل ما تعيشه الأمة العربية من حالة هوان حيث تتكالب عليها أمم الأرض كما يتكالب الأكلة على القصعة وكأن الأكراد ، الأكراد العراقيون ، الذين لم يرتفع من فوق رقابهم سيف الجهل والتعصب على مدى الخمسين سنة الماضية والذين لم يشفع لهم ان أمتهم شقيقة للأمة العربية وأنها أنجبت صلاح الدين الأيوبي وأنجبت خيرة الذين إستشهدوا دفاعاً عن بغداد وعن دمشق وعن القدس وعن قاهرة المعز لدين الله الفاطمي وعن ثغور هذا الوطن الممتد من تطوان في الغرب وحتى البصرة في الشرق .
عندما كانت الأمة العربية تثق بنفسها وترفع رايات النصر خفاقة فإنها كانت تستوعب الجميع وذلك الى حد ان سيباويه الفارسي وضع قواعد لغتها لكنها عندما أصبحت نظرتها تحت أقدامها غدت تبدأ البحث عمَّن من المفترض أنهم أبناء حضارتها من عند آدم وغدت لا تقبل أحفاد الذين ساهموا في نهضتها الفكرية والعلمية والفلسفية منذ عهد المأمون وقبل ذلك وبعد ذلك .
إن هذه المرحلة هي مرحلة الدول القُطرية ومرحلة الكيانات الصغيرة ولذلك فإنه شيىء طبيعي ان يبحث الأكراد ، الذين ذاقوا الأمرين والذين فرقتهم خرائط ما بعد الحرب العالمية الأولى أكثر مما فرقت إتفاقيات سايكس - بيكو العرب ، عن هويتهم الخاصة وأن يبدأوا رحلة السعي لإقامة دولتهم القومية المنشودة في إيران وفي تركيا وفي العراق .. وإنه شيىء طبيعي أن يقتدوا ببيت الشعر العربي القائل : إذا هبت رياحك فأغتنمها فإن الخافقات لها سكون إن من حق الأكراد ان يسعوا لتطوير منطقة الحكم الذاتي في شمالي العراق لتصبح نواة دولتهم القومية المنشودة فهذا لا يعيبهم وهذا لا يشكل تآمراً على الأمة العربية بل دعماً لها والذين يرفضون ان تقيم هذه الأمة الشقيقة دولتها هم الذين يريدون خلق إسرائيل ثانية في خاصرة الوطن العربي .
إن الأكــراد غير مسؤولين عما حلَّ بالعراق والمسؤول هو الذي لم يحافظ على بلده و مُلكه كالرجال وأن المسؤول عن واقع الأمة العربية هذا الذي لا يسرُّ الصديق ولا يغيظ العدا هو ليس الأكراد وإنما الذين فرضوا أنفسهم عليها من خلال أبراج الدبابات وإنتهوا بها الى التمزق والهوان والهزائم المتلاحقة .
نُعيب زماننا والعيب فينا وإنه عندما تقتتل الطوائف في العراق كل هذا الإقتتال المذهبي المخزي وعندما تصبح عمامة الولي الفقيه علماً لهذه الأمة التي كانت ذات يوم عظيمة فإنه أمرٌ طبيعي ان يرفع الأكراد علمهم القومي ، علم جمهورية مهاباد ، وأن يستشهدوا في ظلاله وأنه أمر طبيعي عندما تكون لكل طائفة خريطتها الجغرافية أن يكون للأكراد خريطتهم الخاصة بهم !! .
المصدر
جريدة الراي
صالح القلاب
المفضلات