كثيرا ما نلوم أنفسنا على أخطاء ارتكبناها وعلى زلل وقعنا فيه وعلى تصرفات تصرفنا بها على غير الوجه الذي يجب أن نتصرف به .. بل يصل الأمر بأحدنا إلى جلد الذات المبالغ فيه الذي يعصف بالنفس ويجعلها تدور في فلك الإحباط واليأس والقنوط .
ولا مندوحة من ذلك ولا ضير فيه ما دام اللوم قد تم في حدود المعقول وبالطريقة التي تنتشل النفس مما وقعت فيه من تيه وتردها عن درب خاطىء تسير فيه
أو لم يقسم العزيز الحكيم بالنفس اللوامة " لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة " .. والعظيم لا يقسم إلا بشيء عظيم فتعالى الله العظيم جل في علاه
لكن مقابل اللوم الذي نمارسه على النفس هل فكر أحدنا يوما في مكافأة نفسه حين تصنع إنجازا أو تحقق نجاحا
لماذا نلتفت للوم فقط ونغفل عن الثناء والتقدير للنفس حين تتقدم خطوات للأمام
دائما نكافىء من حولنا من أبناء أو إخوان أو أصدقاء أو زملاء حين يحققون نجاحات .. وكم هو رائع مكافأة الناجحين على نجاحهم .. لكن هل كافأنا أنفسنا يوما على نجاحها كذلك مثلما نفعل للآخرين
مرات كثيرة نشتكي أننا قمنا وفعلنا وبذلنا وقدمنا شيئا ذو قيمة سواء في العمل أو الجامعة أو المدرسة أو في أي ركن وزاوية من زوايا الحياة ولكن لم يلتفت لما قدمناه أحد حتى ولو بكلمة شكر
ودائما ما أسمع حتى هنا في السبلة من يقول قدمت جهدا وأبليت بلاء حسنا فلم أجد تقديرا لجهدي
إن لم تجد حولك من يكافئك نظير صنيعك أو يقدم لك شكرا فكافىء نفسك واشكرها فأنت الوحيد الذي تعلم كم حجم الجهد الذي قمت به وحجم المعاناة التي عانيتها وما هي المصاعب التي صادفتك حتى تحقق النجاح
هل وقف أحدكم يوما أمام مرآته بعد إنجاز حققه ليقول لنفسه " شكرا .. يا أنا "
هل جربت أن تطبع لنفسك شهادة تقدير تقول فيها " هذا ثناء مني لنفسي بعد نجاحها "
هل جربت بعد هدف كنت تسعى إليه فحققته أن تخرج للسوق فتشتري لنفسك هدية كمكافأة على تحقيقها للهدف
تقول الكاتبة الأمريكية لوري بروكي : " إن واحدا من أسرار السعادة هو أن تعرف كيف تكافىء نفسك "
أيها السادة نحن محتاجون لنفس وثابة تتطلع للمعالي والتقدم للأمام .. نحتاج إلى صناعة إنسان لا يتحرك بثناء الآخرين وتشجيعهم فقط بل نحتاج كذلك إلى انسان يحرك نفسه من داخله ويكافىء نفسه بنفسه حين لا يجد من يكافئه
اخرج بعد عمل رائع قمت به إلى أحد المطاعم مثلا وتناول وجبتك المفضلة .. اشتري لنفسك عطرك المحبب أو أي شيء تراه مناسبا حتى تحس بقيمة إنجازك .. وهكذا في كل مرة تقدم عملا مجيدا أو بحثا أو رؤية لتطوير عمل أو طرح لك ككاتب هنا مثلا .
بقي القول الفصل لكم أنتم يا من تملكون ناصية الفكر السديد
هل قدمتم يوما ما عملا مجيدا أو حققتم هدفا أو صنعتم إنجازا ولم تجدوا من يكافئكم ؟
وكيف كانت ردة فعلكم تجاه ذلك ؟
هل كافأ أحدكم يوما نفسه ؟
وما هي طرق مكافأة النفس من وجهة نظركم ؟
لا تنتظروا طويلا حتى يشكركم أحدا على إنجازكم .. بادروا إلى مكافأة أنفسكم واعلموا أن " لنفسك عليك حقا " كما جاء في الحديث النبوي الشريف .. فليكن من ضمن حقوق النفس مكافأتها على الإنجاز
المفضلات