تركت أم يائسة، أوجع الفقر والجوع قلبها، أطفالها الأربعة، وراءها في مكتب مدير إدارة حماية الأسرة، من دون أن تنظر إليهم، وهي تسمع طفلها الأصغر يودعها: “باي ماما”، وهو لا يدرك ما أجبرت والدته، وهي دامعة العينين، على فعله، كي يعيشون بأمان، ويأكلون، ويشربون كأس حليب، حُرموا منها، على مدى عدد سنوات أعمارهم السبع، فأكبرهم في السابعة من عمره، فيما يبلغ عمر أصغرهم عاما ونصف العام.
مشهد استوقف مدير الإدارة، وضباطها، فالموقف صعب جدا، لكن ما جعله أكثر صعوبة، هو وداع “ليث”، ذي السنة والنصف، لوالدته، حينما قال لها: “باي ماما”، وهو يلوح لها بيده الصغيرة.
المشهد فرض نفسه، ودفع باتجاه البحث عن حلول، فتم الاستنجاد بوزارة التنمية الاجتماعية، لتأمين احتياجات تلك الأسرة، التي ترعاها تلك السيدة، ليعيش أبناؤها بين أحضانها، التي عادت بهم إلى المنزل، بعد تأمين مبلغ مالي من صندوق المعونة الوطنية.
أم الأطفال الأربعة منفصلة عن زوجها، عادت إلى منزلها البسيط، على أمل أن توفر الاحتياجات اليومية، من الطعام والشرب والدفء، فأبناؤها لا يعرفون طعم الحليب، لأن ثمنه باهظ أمام فقر أمهم، التي ارتأت أن تتركهم في إدارة حماية الأسرة، كي تتدبر أمرهم، كانت تمني نفسها، أن تضعهم لسنتين أو لثلاث، في دور الرعاية الاجتماعية، حتى تستطيع الوقوف على قدميها، وتتمكن من جني المال لتعيشهم.
وصلت أم الأطفال الأربعة إلى إدارة حماية الأسرة لكي تسلم أبناءها، لأن البيت، الذي يسكنون فيه، مستأجر، ولا يوجد معيل، فزوجها، والد أطفالها، لم يعد يعترف بأبنائه، صحيح أنها اشتغلت “آذنة” في إحدى المدارس، لكنها لم تنجح بالتوفيق بين العمل ومتطلبات العناية بأطفالها الصغار، فابنها الأصغر ما زال رضيعا، ولا يوجد من تأتمنها عليه، لترعاه خلال غيابها في العمل.
كانت أم الأطفال الأربعة تحلم أن تضعهم في دور رعاية، طفلتها الصغيرة، لم تمانع خطوة والدتها، لكنها اشترطت قائلة: “أنا بروح بشرط تخليني مع أخوي”.
هذا ما حدث، وما رواه مدير إدارة حماية الأسرة العميد وليد بطاح، الذي شعر بالأسى على حال هذه الأسرة، لكن أساه تحول إلى زهو وسعادة، بعد أن تمكنت إدارته من حل مشكلة هذه الأسرة “اليائسة”، والأهم عودة الأم مع أطفالها إلى منزلهم.
المفضلات