بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم هي ميل قلب المسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ميلا يتحقق فيه إيثاره على كل من سواه من البشر .
أن المحبة أمر زائد على الاتباع ، إذ هي بمنزلة الباعث والدافع إلى هذا الاتباع .
أن المحبة ركن أساسي من أركان الإيمان لا يصح الإيمان بدونه .
أن التعبير الحقيقي عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يتمثل في صدق الاتباع له ، والاقتداء به وتعظيمه وتوقيره والقيام بحقوقه ومحبة ما يحبه وبغض ما يبغضه .
أن بين المحبة والاتباع علاقة مطردة إذا لا يوجد أحدهما بدون وجود الآخر فمن حقق الاتباع وبذل الوسع في معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد صدق في المحبة .
أن بين المحبة والغلو بونا شاسعا . فالمحبة أمر شرعي والغلو مذموم ومنهي عنه شرعا ، ولا يمكن اتفاقهما .
أن من غلا في الرسول صلى الله عليه وسلم فهو متشبه بالنصارى في غلوهم في عيسى عليه السلام .
أن بداية الغلو في هذه الأمة كانت لدى الشيعة وعنهم انتقل إلى الصوفية .
كان الحلاج أول صوفي اشتهر عنه الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم منطلقا من مذهبه في حلول الإله في الإنسان . وهو في هذا يشبه النصارى في غلوهم في عيسى عليه السلام .
كان مقتل الحلاج تحولا كبيرا في من أتى بعده من الصوفية عامة وغلاتهم خاصة ، وتمثل ذلك في :
- استتارهم بمذهبهم ، ومحاولة إخفاء حقيقته عن عامة المسلمين .
- اتخاذ الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ذريعة إلى نشر العقائد الهدامة في صفوف الأمة بدعوى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم .
كان ابن عربي من أكبر السائرين على درب الحلاج في محاولة الخروج على الإسلام .
يعد ابن عربي صاحب مذهب وحدة الوجود في المحيط الصوفي ، إذ بذل في سبيل نشره ودعوة الناس إليه كل ما في وسعه .
أن ابن عربي قد غلا في الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعه إلى مرتبة الألوهية بمذهبه في الحقيقة المحمدية المساوية للحقيقة الإلهية .
إن غلو ابن عربي ومثله الحلاج وغيرهما من غلاة الصوفية لم يكن نتيجة حب للرسول صلى الله عليه وسلم ، بل كان زندقة وإلحادا وكيدا لهذا الدين .
إن الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم محرم شرعا لما يفضي بصاحبه إلى الخروج من الدين .
من اعتقد مقالة غلاة الصوفية كالقول بالحقيقة المحمدية ، وأن الرسول مخلوق من نور ، وأنه كان موجودا بحقيقته قبل خلق السماوات والأرض . وأن الكون خلق من نوره ، أو أنه روح الله المنفوخ في آدم إلى غير ذلك من مقالات الغلاة . من اعتقد بمثل هذا فقد كفر بعد قيام الحجة عليه .
إن من آثار الغلو ظهور البدع الاعتقادية والعملية .
إن البدعة أمر مذموم شرعا بلا استثناء إذ كلها ضلالة .
إن القول بتقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة قول غير مستقيم شرعا .
اتخذ كثير من الصوفية اختلاف العلماء في تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة ذريعة إلى ترويج بدعهم تحت ستار اسم البدعة الحسنة .
إن الصوفية وبالأخص غلاتهم من أكثر الناس ابتداعا وخروجا على السنة .
استغل كثير من الصوفية دعوى المحبة في إظهار كثير من البدع . مثل الحضرات والموالد والتوسل البدعي والشركي وصيغ الصلوات المبتدعة .
إن للابتداع آثارا سيئة على المبتدعة ، وتمثل ذلك في حرمانهم من الهدى وقضاء أعمارهم في التيه والضلال ثم ما ينتظرهم من أليم العقاب ، إذا لم يتوبوا ويرجعوا إلى حظيرة السنة والجماعة .
كما كان الغلو سببا من أسباب الانحراف بالمحبة عن وضعها الشرعي . فإن الجفاء والتقصير في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر مرضا خطيرًا يجب معالجته عند بعض المسلمين .
إن التوسط في أمر المحبة لن يكون إلا بصدق الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا تأدبا بآدابه وتخلقا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم .
من كتاب " محبة الرسول بين الإتباع والإبتداع "
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
المفضلات