وضعت أحلام يديها على عينيها كي لا تشاهد الصور المرعبة لأطفال صغار ملطخين بالدماء، وبعضهم قد بترت أطرافهم.
كان يحملهم رجال ويركضون بهم، وقد بدا الاسى في وجوههم.
رمت نفسها في حضن أمها وهي تصرخ: أمي أغلقي التلفاز أرجوك.
ربتت الأم على رأس ابنتها وهي تخفي دموعها وتقول لها بصوت متحشرج:.
لا بأس يا أحلام، لا بأس.
بقيت أحلام في حضن أمها فترة طويلة، قبل أن ترفع رأسها لتسأل أمها بأسى: الأطفال الذين شاهدناهم البارحة ملفوفين بالأعلام والأكفان البيضاء. هل سيدفنون في قبر واحد. هل سيكونون معا؟.
يا ليتهم يا أمي يكونون مع بعضهم بعضا حتى لا يشعروا بالحزن لفراق أمهاتهم. وحتى يستطيعوا أن يلعبوا معا في ذلك المكان الذي ذهبوا إليه.
هزت الأم رأسها، وتمتمت:.
نعم، نعم، سوف يكونون معا، يلعبون ويغنون ويدقون الأرض بأقدامهم الصغيرة. ولعلهم يا صغيرتي يلعبون لعبة التخفي، فيصبحون نجوما في السماء يتلألؤون ويضحكون حين تطل أمهاتهم من شبابيك بيوتهن رافعات أعينهن للسماء باحثات عن صغارهن.
وقد يحب الصغار أن يصبحوا ورودا برية، فتضحك لهم الحقول وتداعبهم الريح في سفرها الطويل.
صمتت الأم من دون أن تشعر أحلام أنها لا تستطيع متابعة كلامها، وأن دموعا كثيرة ساخنة كفكفتها بصمت.
في اليوم التالي، بقيت أحلام في غرفتها مع دميتها، وكعادتها ألبستها ثوبا جديدا وأجلستها في حضنها وهي تهدهدها كي لا تبكي.
أخبرت دميتها أن الأعداء مجرمون، فهم يقتلون الأطفال ويهدمون بيوتهم وكذلك مدارسهم.
اقتربت أكثر من دميتها وسألتها:.
أتعرفين لماذا يهدمون المدارس؟ أنت لا تعرفين لأنك صغيرة، لكني أعرف.
ذهبت أحلام الى درج مكتبها، وأخرجت ورقة رسم كبيرة وقلما أسود، وجعلت ترسم صاروخا كبيرا ملأ الورقة كلها،ثم نادت دميتها كي تريها الرسمة.
اقتربت من دميتها وهي تهمس في أذنها:.
أنا لا أريد أن يصبح أطفال فلسطين نجوما في السماء أو ورودا برية.
أنا أكره ذلك.
المفضلات