لا لقتل جمال البترا ..عاصمة الحضارة الإنسانية 17-9-2013
لا لقتل جمال البترا ..عاصمة الحضارة الإنسانية 17-9-2013
زياد الطويسي - ..وبات الصبية يعبثون بلوحة ؛رسمتها طفلة في الحي لجماليات البترا، ويجروها وكأنها جريد نخل أو فرع زيتون فارق شجرته للتو، وسط دموع الطفلة.. فيما صاح بهم أحد الرجال وطلب منهم، أن لا يقتلوا روح الإبداع في نفس الصغيرة.
راقبت جيدا ، وتصورت أن الإبداع كالإنسان تماما، له روح وأحاسيس حينما تُقتل يدفن كالموتى، ولا زلت أستذكر المشهد ذاته كلما تجولت في أرض البترا وطالعت جمالياتها التي تملأ فضاءات المدينة.
في «البترا « مئات اللوحات الفنية، شكلتها الطبيعة وتضاريس المكان وطبيعة صخوره، وكأنها رسوم أتقنها فنانون محترفون، فهي في تشكيلها ومظهرها تعتبر سرا من أسرار الجمال في أرض المدينة..
يطالعا السياح بصمت وهم عاجزون عن وصف تشكيلها وتداخل الألوان بتكوين إلهي فيها، وتضاريس الصخر الملون الذي يعتلي الواجهات والكهوف وبواباتها والجبال..
وذات اللوحات، تقصدها عدسات المصورين في كل رحلة وهي تكتشف المزيد منها ومن جمالياتها.. فيما أجمع كتاب كثر على أنها سر من أسرار الجمال والدهشة والسحر والإعجاز في أرض بترا، أما الشعراء فكان لهم فيها قصائد وأغنيات..
وأبدع الشعراء مستلهمين من دهشة اللوحات الفنية الملونة في البترا إحساسهم، فقال الشاعر سعود الأسدي: «عَجِبْتُ والصّخرُ في بتراءَ معجزةٌ.. عنهـا تَكَلَّمَ في أرْباضِهـا الحَجَرُ... وقـالَ لي : إنّ للبتـراءِ قِصّتَهـا.. فقلتُ : حَدِّثْ فإنّي السّمْعُ والبَصَرُ...».
وكم من فنان استلهم من لوحات بترا وألوانها أعماله.. وكم من جميلة جاورت الصخر الملون في البترا وابتسمت لصورة تذكارية، لتزداد مع ألوان الصخر وتشكيله جمالا..
والشجريات التي تتدلى أوراقها وفروعها بجوار لوحات بترا الفنية وألوان الصخر، رسمت لنفسها حكاية عشق زادتها ألقا..
يا زائري بترا وعشاق سحرها وألوان الصخر واللوحات فيها، ما بكم استهوتكم لوحات فنية صخرية قليلة تنتشر على جانبي المسار الرئيسي في البترا، وفاتكم الكثير منها.. وأقول في نفسي: ليتهم لا يزوروها ويشاهدوا ما حلّ بها..
ذات اللوحات التي تختبئ بين الجبال وتعتلي الكهوف والمغر، تجاورها وتسكنها وتضفي في مشهد البترا الكبيرة سر جمال وسحر غامض، ذات اللوحات التي يستلهم منها الطائر الوردي ألحانه وتغازلها الشمس شروقا ومغيبا، باتت تقتل..
تمتد لها في وضح النهار أيادٍ تقتلع الأجمل منها، وتبيعها بسعر بخس على الزوار.. تؤذيها داخل الكهوف أدخنة النيران، ولون الشيد الأبيض الذي حول مغر بترا إلى غرف تسكن بحجج مهما كانت مقنعة، إلا أنها ليست أغلى من بترا..
هناك من قال لصبية، شاهدهم يعبثون بلوحة رسمتها طفلة على ورق الكرتون، أن «لا يقتلوا روح الإبداع في نفس الصغيرة لأُذكر من جديد كل من يحب بترا وكل من يقع على عاتقه أمر حمايتها: أن «لا تقتلوا سر الجمال في عاصمة الحضارة».
المفضلات