ما هي الاسطورة , تعريف الاسطورة
منذ القدم والإنسان يمرُّ بتجارب مختلفة شكلت لديه وعياً وانطباعات وأفكار وأسست لوعيٍ جمعي فريد وذاكرة إنسانية رائعة، وصقلت قدراته. وخلال التاريخ البشري مرت شخصيات تركت انطباعات مختلفة لدى الأتباع والجماهير، فهناك شخصيات أظهرت صفاتٍ بطولية وشجاعة لا نظير لها في محاربة البطل وإحقاق الحق، وهناك دعاة السلام والمحبة والتوحيد وعلى رأسهم الأنبياء والرسل - عليهم صلوات الله وسلامه-، وهناك الكرماء ومن يغيثون الملهوف ويساعدون أصحاب الإحتياجات، وهناك القادة العظماء والفاتحون، والقضاة العادلون، وعلى النقيض تماماً نجد الظالمون والطماعون الذين نكَّلوا في الناس وأذاقوهم الويلات واللصوص والمتكبرون والمتجبرون.
كل هذه التجارب جعلت الشعوب تعشق وتحب وتكره وتبغض، مما حفزها على المبالغة في وصف من مروا في تاريخها، فالأسطورة هي الشخصية ذات الأصول الواقعية والحقيقة والتي ساهمت الذاكرة الشعبية في المبالغة في وصفها وأسطرتها، فأضافت على الشخصيات صفات لم تكن فيهم وخلقت أحداث لم يمروا بها، مما أسهم في إثراء الذاكرة الشعبية والتراثية لدى شعوب الأرض. وتختلف الأساطير من شعب لآخر باختلاف العادات والتاريخ والأحداث.
للأسطورة حيز كبير في ذاكرة الشعوب، فالشعوب كانت تنظر للأساطير نظرة مقدسة، لذلك تكون للأساطير أبعاد فلسفية ومعنوية كبيرة لدى الناس، فلقد كانت الأساطير تمثل للناس قديماً حقائق لا يمكن الشك بها، هذا بالإضافة لتنوع أنواع الأساطير الشعبية فهناك الأساطير المتعلقة بشخصيات وأبطال مروا في ذلك الزمن، وهناك الأساطير التي تفسر وتشرح حدوث بعض الظواهر، وذلك بسبب مرافقة ظاهرة معينة لحدثٍ حدث للأجداد فحصل الارتباط بين الظاهرة والحدث عند الناس، أما النوع الاخير فهو الأساطير التي تشرح النشوء والتكوين.
في مقابل الأسطورة نجد الخرافة، فالخرافة هي القصص المنسوجة بالكامل من الخيال، والتي لا تمت للحقيقة بصلة، ومن أبرز سماتها أنها انتقلت على الألسن باللغة المحكية، والخرافة هي القصة ذات المغزى التأديبي للناس، فلقد نسجوا القصص البعيدة كل البعد عن الواقع للتأثير على الناس وتحسين بعض الأخلاق فيهم.
تميل الشعوب عادةً لأسطرة شخصياتها العظيمة لتعلقهم بها ومحبتهم لها، حيث تمثل هذه الشخصيات رموزاً تحترمها الشعوب، ولكنَّ هذا التعلق وأسطرة الشخصيات أسس لتداخل بين التاريخ أو الواقع وبين القصص المتخيلة المبالغ فيها، إضافةً إلى إضفاءه سمة الكمال و عدم الخطأ على هذه الشخصيات، وهو ذات الشئ الذي أدى إلى ابتذال هذه الشخصيات وهذه القصص عند الأجيال الجديدة، لما وجدوه من تكرار وبعدٍ عن الواقعية، فكانت سبباً رئيسياً للفجوة بين الأجيال، حيث يرى الجيل القديم في الأجيال الجديدة أنها أجيال لا تحترم ماضيها وتاريخها، وترى الأجيال الجديدة في القديمة أنها أجيال متعلقة في الماضي لا تعرف شيئاً عن حاضرها بعبارة أخرى روح في الماضي وجسد في الحاضر.
المفضلات