منقول
عودة
من قصص البطولة والفداء
ذكر إستشهاد المجاهد
محمد فرحات
أم نضال " خنساء فلسطين"
الأم الفلسطينية المؤمنة الشامخة
قدمت ابنها في زمن عجزت عنه أعتى الرجال
غزة/ خاص
نقف اليوم بإجلال وإكبار .. وننحن أمام جلل عظيم..
نقف والكلمات تتلعثم في الأفواه عاجزة عن الكلام والوصف..
كنا نفتخر حين نقرأ قصص الأجداد عن بطولاتهم وتضحياتهم
وكم يعتصرنا الألم ونشعر بالأسى عندما تبتعد المسافات
بيننا وبين الأجداد في وقت يخيم فيه علينا
الصمت العربي والإسلامي
حيال ما يجري في فلسطين
فيمر شريط الذكريات في خيالنا
يحمل بين طياته صورا
لخولة بنت الأزور
والخنساء وغيرهما.
فيتوقف شريط الذكريات ليتحول إلى حقيقية
حين نقف أمام التضحيات الجسام التي تقدمها
الأم الفلسطينية
المؤمنة التي تتقبل استشهاد فلذة كبدها
بالزغاريد وتحمد الله وتشكره على هذه النعمة
الذي انعم عليها الله بها .
الأم الفلسطينية
والمجاهدة أم نضال فرحات هي من الأمهات الفلسطينيات
التي دفعت الغالي والنفيس من أجل وطنها الغالي فلسطين
والتي يطلق عليها اليوم " خنساء فلسطين " وما أكثرهن
اليوم في فلسطيننا الحبيبة ، أم نضال فرحات التي دفعت
ولدها في عتمات الليل لتجعل من جسد ولدها
شعلة مضيئة على طريق تحرير فلسطين.
هكذا هي الأم الفلسطينية وهكذا عودتنا
دائما أن تكون مصنعا للرجال
أم نضال هي أم الأسير وهي أم المطارد وهي
أم الشهيد محمد فرحات ابن السبعة عشر ربيعا من سكان
حي الشجاعية بمدينة غزة ,أحد أبطال ملحمة الجهاد الفلسطيني
وتصادف هذه الأيام الذكرى لاستشهاده ، رغم سنه الصغير حمل
محمد سلاحه ماضيا إلى الجهاد حاملاً روحه على كفه غير آبه
بالمصير الذي ينتظره .. واضعا نصب عينيه هدفا واحد
لا حياد عنه , وهو تنفيذ حكم الله
بأعداء الله والشعب الفلسطيني.
كان الشهيد محمد يشاهد ما يتعرض له أبناء شعبه من قتل وذبح
يومي , وهدم منازل وتجريف مزارع وممتلكات على أيدي
النازيين الصهاينة , فقرر الانتقام لأبناء شعبه
وتمريغ انف العدو في الوحل.
وفي يوم السابع من شهر آذار عام 2002
خرج ألاستشهادي (محمد) حاملا سلاحه
ومضى في رحلته الأخيرة بعد أن ودع والدته الذي تلقى منها
درسا في الثبات والإقدام ..وتمكن من اجتياز كافة الإجراءات الأمنية
والحواجز والبوابات الإلكترونية الصهيونية , إلى أن دخل المغتصبة
المذكورة ومكث فيها زهاء عشر ساعات متواصلة دون خوف
انتظر حتى تجمع اكبر عدد من العسكريين الصهاينة.
فخرج من مربضه كالأسد , ليفاجأ قطعان المحتلين والقردة
ليقتل سبعة من هم , ويجرح العشرات من طلبة الأكاديمية
العسكرية في مغتصبة "عتصمونا " الملعونة.
وشكلت العملية الاستشهادية النوعية مفخرة لكل إنسان فلسطيني
وأثبتت القدرات التي تمتع بها هذا الشبل الفلسطيني , الذي تمكن من
تحقيق ما لم تحققه فرق عسكرية مدربة في الجيوش , مؤكدا أن ما
يتبجح به هذا العدو من قوة ما هي إلا أوهام واهية , يستطيع
الفلسطيني بإرادته وتصميمه أن يجعلها سرابا.
كانت أمنية الشهيد القسامي البطل , أن ينضم إلى كتائب المجاهدين
كتائب المجاهدين رفضت ذلك , لصغر سنه , فما كان من أم نضال
إلا توسلت له لدى قيادة الكتائب ليقبلوه بين صفوفهم .وتحت ضغط
هذه الأم المتلهفة لأمنية ولدها , قبلت الكتائب طلب الأم.
الشهيد القسامي (محمد فرحات) لم يدخل كلية عسكرية
يتعلم فيها فنون القتال واقتحام المواقع , بل تعلم على يد والدته
مريم (أم نضال) خنساء فلسطين
دروسا في التضحية والأقدام والثبات.
ودع محمد والدته
وعلمت أن ابنها في طريقه للشهادة
وبدون دموع قالت أم نضال
"لو كنت أعرف كيف أزغرد فرحاً
بخبر استشهاد ابني لفعلت"
نالت أم نضال الشرف
حين وقفت أمام شبلها
وهو يقرأ وصيته في شريط مصورا
تناقلته وسائل الأعلام , فقبلته وأوصته بذكر الله
والتوكل على الله , والتركيز في تنفيذ العملية
وأن النصر حليفه وحليف المجاهدين.
خرج محمد القسامي الصغير من بيته في
حي الشجاعية في غزة
باتجاه مغتصبة "عتصمونا" ربما شاهده أحد جنود الاحتلال
ولكنه لم يأبه بهذا الفتى الذي ما زالت على وجهه علامات الطفولة
كان عقل محمد وقلبه يأخذانه نحو معركته التي بدأ الإعداد لها مبكراً
من قبل كتائب المجاهدين , ولم يكن يعلم بما هو مقبل عليه إلا قبل
أيام قليلة فقط من موعد تنفيذ الخطة , كان يراجع الخطة
للمرة الألف ويتخيل نفسه وسط حشود الجنود
يقارعهم ويقاتلهم.
وبقيت أم نضال مستيقظة طوال الليل تدعوا الله عز وجل
بنجاح العملية ,وتابعت أم نضال نشرات الأخبار إلى أن وصل
خبر العملية ,وأنها نجحت
فحمدت الله فأسرعت إلى أولادها
لتبشرهم بنجاح العملية
لم تقبل أم نضال التعزية بشبلها
بل زغردت له ووزعت الحلوى
وفتحت بيتها لاستقبال
المهنئين باستشهاده وبنجاح العملية.
وتقول أم نضال فرحات وهي تستذكر الأيام
التي سبقت استشهاد ابنها قبل عامين
"
كانت الجنة أمام عينه
كان فرحاً لأنه حدد موعد استشهاده..
رفض أن يذهب لأي مكان قبل استشهاده بأيام.
كان يقول لي ::
أنا لا أستطيع فعل شيء سوى انتظار الشهادة..
"
كنت أوصيه بمزيد من الصلاة
وقراءة القرآن حتى يوفقه الله.
وأضافت
"في هذا المنزل
كان الشهيد (عماد عقل) يخطط لعملياته
وعلى باب منزلنا استشهد عماد..
كان محمد حينها في العاشرة من عمره..
ولقد اعتقل ابني نضال لحظة استشهاد عماد.
وتضيف أم نضال فرحات "
في ذلك اليوم الذي صادف يوم الخميس
كان الشهيد محمد فرحات صائما
وعندما وصل إلى رفح اتصل بي
على الهاتف الخلوي
وأوصيته حينها بألا يتردد.
تقدم محمد في ذلك اليوم نحو المغتصبة "عتصمونا"
وقطع حدودها دون أن يشعر به الحراس الصهاينة
ويملئون المكان، وتمكن محمد بعون الله
من الوصول إلى غرف التدريب
حيث ألقى قنابله عليهم وأتبعها برصاص غزير
من رشاشه محولا حياتهم إلى جحيم وظل يطلق النار
لمدة عشرين دقيقة , تمكن خلالها من إلقاء تسع قنابل يدوية
وإفراغ تسعة أمشاط من الذخيرة.. في عشرين دقيقة فقط
سيطر محمد على "عتصمونا" غوش قطيف , وكان وحيداً في
مواجهة المغتصبين والجنود الصهاينة وعندما أنهى محمد ما
بحوزته من ذخيرة , هم بالخروج من المغتصبة
إلا أن احد الجنود الحاقدين
عاجله برصاصة
أدت لاستشهاده.
وتستذكر أم نضال اللحظات الأخيرة التي عاشتها مع ابنها
"أوصيته أن يستعين بالله، ويجعله في قلبه، وأن يذكر اسم الله
على كل شيء، ويلتزم بتعليمات إخوانه المجاهدين
وينفذها بحذافيرها".
وتابعت أم نضال قائلة
"
من أجمل أيام حياتي
عندما امتلك محمد السلاح
فأحضره ليسعد قلبي به
ويؤكد لي أنه أصبح
من المجاهدين
".
وأضافت أم نضال
"علمته من البداية أن يكون صادقا معي
ولا يخفي عني سر جهاده حتى أشجعه وأقويه
ومع حلول شهر رمضان قبل ثلاثة أعوام
بشرني بالتحاقه بكتائب المجاهدين
وأنه يستعد لخوض عملية استشهادية".
وقالت لا أنكر أني جزعت في البداية
لأني أيقنت أني أعُد الأيام الأخيرة لولدي الخامس
ولكن ما كان يزيد من فزعي أن يفشل في المعركة
أو أن يتم القبض عليه قبل أن ينفذها كما حدث مع أخيه
فدعوت الله أن يقبله عنده شهيدا بعد أن ينتصر عليهم.
إياك أن تصدق دموعي
وتصف أم نضال الساعات الأخيرة قبل استشهاد ولدها
فتقول:
"أخبرني قبل أسبوع بأن الموعد تحدد لتنفيذ العملية
وأخذ يصف لي بعض تفاصيلها العريضة حتى لا أجزع
عند استشهاده، ولم أستطع عندها أن أتمالك دموعي
وغلبتني عاطفة الأمومة
وبكيت أمامه
ولكني قلت له:
إياك أن تصدق دموعي
".
نشعر أولا بالفخر00 ونشعر ثانية بالخجل
حين نقف أمام أم حنون قامت بعمل عجز عنه أعتى الرجال
حين أبعدت أبنائهم عن ساحة الجهاد والفوز بالجنة ليستمتع
بصحبتهم، نحن بحاجة إلى مدرستك لنتعلم منها دروس التضحية
والثبات وقوة الإيمان ونستخلص منها العبر بان الآجال مقدرة
المفضلات