ليلى تلعب بأعواد الكبريت
ليلى الصغيرة متعلقةٌ بكلِ ما هو قابلٌ للاشتعال، تَهْوَى كثيراً إشعالَ الشُّموعِ وتراقبُ اللَّهبَ المتصاعد منها بفرحة غامرة، وفي الاحتفالات تظلُ تراقبُ الألعابَ النارية وهي تضيء السماء، وتُحِبُ كثيراً مراقبة والدتها وهي تجهز الطعام على نيران الغاز..
ومع مرور الوقت لم تعد ليلى تكتفي بمراقبة النار.. آه.. صارت تحاولُ أن تشعلَ النار بنفسها من خلال اللعب بأزرار التحكم الموجودِ في الغاز، وبالضغط على كبسة القداحة، وبإشعال أعواد الكبريت، وهو ما كان ينذر بالخطر.
ففي إحدى المرات أشعلت ليلى شمعةً فوقعت على السجادة وتركت بقعة حرق كبيرة، فسارعت والدتها لإطفائها ومعاقبة ليلى على فعلتها تلك، ومرة أخرى أشعلت عوداً من البخور وثَقَّبَت به ستائر المنزل، وفي مرة أخرى وضعت مناديل ورقية على موقد الكاز وكادت تحرق البيت بمن فيه..
في كل مرة كانت والدةُ ليلى تعاقبها وتؤنِّبها بشدَّة، لكن ليلى لا تلبث أن تعاود اللعب بالنار مرة بعد مرة.
فكرت والدة ليلى وقالت في نفسها: ''ما العمل، ما هو السبيل لجعل ليلى تقلع عن اللعب بالنار؟''.. ثم خطرت ببالها فكرة.
قالت والدةُ ليلى لها: ''ما رأيك أن نذهب معاً إلى الدكان المجاور، سأشتري لك شيئاً تحبينه جداً جداً''. ردت ليلى: ''حسناً ماما، أريد ألعاباً نارية''. وفي الدكان الصغير ابتاعت والدة ليلى الكثير من أعواد الكبريت ما أفرح ليلى التي تأكدت أنها لن تنالَ العقابَ بعد ذلك، فوالدتها هي من اشترى لها أعواد الكبريت فكيف تعاقبها!! وفي حديقة المنزل جلست والدةُ ليلى تراقبها وهي تشعل أعواد الكبريت بفرح غامر، وكان على ليلى أن تنتهي من إشعال كلِّ أعواد الكبريت مرة واحدة..
في البداية مرَّ الوقت سريعاً ولم تشعر ليلى به، وقد أصبح لديها كومة صغيرة من أعواد الكبريت المحترقة، ثم بدأت تشعر بالتعب، قالت: ''ماما، لقد تعبت سأكمل إشعال ما تبقى من الأعواد فيما بعد''، فردت والدتها بحزم: ''لا، عليك أن تكملي إشعالها الآن ثم ترتاحين فيما بعد''.
واصلت ليلى عملها بجهد، ثم بدأت تشعر بالتعب والملل أيضاً، قالت: ''ماما.. هذا يكفي لقد مللت''. وبنبرة آمرة قالت والدتها: ''هيّا، واصلي إشعال الأعواد، لن تأخذي قسطاً من الراحة إلا بعد أن تنتهي''. ''حسناً'' ردت ليلى بنزق.
بدأ الوقت يمر بطيئاً، وليلى الصغيرة لم تعد تجد أية متعة في إشعال الأعواد التي تكومت بجانبها.. فأخذت تبكي وتبكي تريد التوقف عن اللعب بأعواد الكبريت، وتصرخ بكلمات تخرج من بين دموعها: ''لن ألعب بالنار بعد اليوم.. إنها لعبة مملة وغير جميلة''.
حسناً، هل تعلمون أن ليلى لم تعد بعد ذلك اليوم تلعب بالنار أبداً.. أبداً.. لقد تعلمت درساً لن تنساه.
المفضلات