جددت إسرائيل أمر حظر نشر الأرشيف والمعلومات والوثائق الأمنية والسياسية التي تتعلق بقيام الدولة وبالحروب التي خاضتها ضد الفلسطينيين والعرب, وهو ما فسره المحللون بأنه تواصل لسياسة التعتيم المطلق والتهرب من المسؤولية.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو -بضغط من جهاز المخابرات (الشاباك) والموساد- وقع على قرار يقضي باستمرار فرض السرية على الأرشيف لمدة 20 عاما إضافية, وبذلك لن تسمح إسرائيل بنشر وثائقها السرية إلا بعد مرور 70 سنة على الأحداث.
ويشمل تمديد سريان السرية وثائق كل وحدات وزارة الأمن والجيش التي تعرف بالسرية التامة, وأرشيف الأمن العام وجهاز الموساد ولجنة الطاقة الذرية ومعهد البحث البيولوجي، ومؤسسات مرتبطة مباشرة برئاسة الحكومة.
ومن المفترض أن يكشف خلال عام 2018 عن وثائق تتعلق بالعشرين سنة الأولى التي تلت قيام إسرائيل، وهو ما يعني إمكانية تفجر قضايا تاريخية, قد تسبب إحراجا لمؤسسات وقيادات إسرائيلية.
تعتيم
ويرى المراقبون أن القرار الإسرائيلي يعكس عنصرين ثابتين في السلوك الرسمي إزاء وقائع التاريخ المتعلق بالحركة الصهيونية ودولة إسرائيل، وهما التعتيم المطلق على ما قامت به إسرائيل، والتهرّب من تحمّل المسؤولية.
بن تشوك: المواد السرية خلال التاريخ المعاصر لها انعكاسات على مستقبل الدولة (الجزيرة نت)
إذ قال الباحث والمحلل السياسي أنطـوان شلحت إن إسرائيل "تعتمد التعتيم المطلق على الماضي الأسود, وعلى الممارسات الإجرامية التي ارتكبتها الحركة الصهيونية -وفيما بعد دولة إسرائيل- لإقامة الدولة اليهودية, والتي كان الشعب الفلسطيني ضحية لها بأشكال مختلفة".
وأضاف أن إسرائيل تعمل كذلك على التهرّب من تحمّل المسؤولية عن هذه الممارسات, خاصة في ظل تحفظ بعض الجهات الدولية على سياسة إسرائيل ومحاولة محاصرتها، وهو ما بات مصدر قلق حقيقي للحكومة الإسرائيلية ومؤسستها السياسية.
وشدد على أن "حاجة" إسرائيل إلى هذا التعتيم تزداد مع وجود محاولات كثيرة -بما فيها محاولات إسرائيلية- لقراءة الماضي بأدوات تحليل موضوعية وواقعية، تضع هذه الممارسات في سياقها الصحيح وتسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية، على حد قوله.
ضغوط
ويرى المحامي أفنير بن تشوك من جمعية الدفاع عن حقوق المواطن أن إجراء تمديد السرية جاء تحت ضغط من مختلف الأجهزة الأمنية, خاصة أن الأمر يتعلق بكشف وثائق ومستندات تتعلق بحربيْ 48 و67, ووثائق مخابراتية.
واعتبر أن الإجراء يتناقض مع حق المواطن في المعرفة والحصول على المعلومات, ويتعارض مع حرية الصحافة, معربا عن اعتقاده بأنه بعد انتهاء المدة سيتم تجديدها ثانية, مشددا على أن أغلب المواد السرية خلال التاريخ المعاصر، قد تكون لها انعكاسات على مستقبل الدولة.
المصدر: الجزيرة
المفضلات