أمي تعمل آذنة
صفقت الطالبات فرحا حين قالت لهم معلمة اللغة العربية اليوم لن نأخذ درسا جديدا، سنتحدث عن الأم بمناسبة عيدها. أريد من كل واحدة منكن أن تتحدث عن أمها .
هبة كانت الطالبة الوحيدة التي لم تصفق ولم يبد عليها الفرح.
كلمات المعلمة كانت كافية لأن تجعلها مرتبكة وفي حالة خجل شديد.
بدأت مها بالحديث: أمي انسانة رائعة، وهي موظفة في أحد البنوك، تساعدني في دروسي، وتهتم بكل أموري .
لم تسمع هبة بقية الكلام، أحست بحرارة جسدها ترتفع، وأنها على وشك البكاء.
توالى حديث الطالبات: أمي مديرة مدرسة، وهي تحب عملها كثيرا .
طالبة أخرى قالت: أمي ربة منزل، لكن لها نشاطات اجتماعية عديدة .
فكرت هبة بالاستئذان. ستقول أن معدتها تؤلمها، أو أنها تريد أن تتقيأ.
لم ترق لها الفكرة، زميلاتها سيدركن أنها مجرد حجة لكي تتهرب من الحديث عن أمها.
الدور يقترب، وهبة ليست إلا عينين زائغتين.
لن أقول لهم إنها آذنة في إحدى المدارس، وإنها أحيانا تخدم في البيوت. لن أقول لهم ذلك .
فجأة بدأت هبة بالبكاء، مما جعل الجميع يصمتون فجأة، بعد أن كان الصف يضج بالتعليقات والتصفيق في أحيان كثيرة.
وقبل أن تسأل المعلمة التي وقفت مندهشة أمام هبة أي سؤال، سارعت هبة بالحديث بطني تؤلمني، إنني مريضة .
ربتت المعلمة على ظهر هبة، وطلبت لها كوبا ساخنا من الميرمية لا عليك، ستكونين بخير .
وضعت هبة رأسها على مقعدها، وجعلت تبكي بصمت، لكنها على نحو ما كانت سعيدة بأنها تخلصت من موقف محرج.
انتهت الطالبات من الحديث عن أمهاتهن، وفجأة جاءها صوت المعلمة رقيقا ودافئا مشبعا بالحزن: جاء دوري للحديث عن أمي .
صفقت الطالبات ابتهاجا، لكن المعلمة أشارت لهن بالصمت، وتابعت كانت أمي تعمل آذنة في إحدى المدارس بعد وفاة أبي. كانت دوما تأتي متعبة، لكن الابتسامة لا تفارقها، وكنت أحاول دوما أن أساعدها على نحو ما .
توقفت هبة عن البكاء، وبعينين مبللتين نظرت إلى المعلمة بدهشة، لكنها ما لبثت أن عادت إلى بكائها، لكن هذه المرة بحرقة وأسى شديدين.
المفضلات