قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} [الحجرات:12].
وقال تعالى: {ولا تطع كل حلافٍ مهين . همّازٍ مشّاءٍ بنميم} [القلم:11].
هماز: مغتاب.
مشاءٍ بنميم: يمشي بين الناش تحريشاً وفساداً ومشياً بالنميمة.
من الحديث الشريف:
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول: ما الغيبة؟ قال : "ذِكْرُك أخاك بما يكره". قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال : "إنْ كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه" (رواه أبوداود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
والغيبة محرمة بالإجماع ، ولا يُستثنى من ذلك إلا من رجحت مصلحته ، كما في الجرح والتعديل والنصيحة وكذا ما جرى مجرى ذلك ، ثم بقيتها على التحريم الشديد والزجر الأكيد. ولهذا شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت؛ أي كما تكرهون أكل لحم الإنسان الميت طبعاً فاكرهوه شرعاً.
2. عن أبي بردة البلوي قال: قال رسول الله : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته" (رواه أبوداود).
3. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم" (رواه أبوداود وأحمد).
4. روى الحافظ أبو يعلى في روايته لقصة رجم ماعز رضي الله عنه: "... سمع النبي رجلين يقول أحدهما لصاحبه: ألم تر أن هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رُجم رَجم الكلب؟! ثم سار النبي حتى مر بجيفة حمار، فقال: أين فلان وفلان؟ انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار. قالا: غفر الله لك يا رسول الله، وهل يؤكل هذا؟! قال : فما نلتما من أخيكما آنفاً أشد أكلاً منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" (إسناده صحيح).
5. عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مر رسول الله بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" (متفق عليه).
6. روى الإمام أحمد بسنده إلى حذيفة قال: سمعت رسول الله يقول: "لا يدخل الجنة قتّات" (معنى قتّات: نمّام).
العلاج:
ماذا تفعل إذا صدر منك غيبة لأحد الناس؟
قال جمهور العلماء: طريق المغتاب للناس في توبته أن يُقلع عن ذلك ويعزم على أن لا يعود، وهل يُشترط الندم على ما فات وأن يتحلل من الذي اغتابه؟ فقال جماعة منهم بذلك .
وقال آخرون: لا يشترط أن يتحلله فإنه إذا أعلمه بذلك ربما تأذّى أشد مما إذا لم يعلم بما كان منه. فطريقه إذاً أن يثني عليه بما فيه في المجالس التي كان يذمه فيها، وأن يرد عنه الغيبة بحسب طاقته؛ فتكون تلك بتلك.
عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن النبي قال: "مَن حَمَى مُؤْمِناً مِنْ مُنَافِقٍ يَعِيبُهُ بَعَثَ الله تَبَارَكَ وتَعَالى مَلَكاً يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِن نَارِ جَهَنَّمَ، ومَن بَغَى مُؤْمِناً بِشَيْءٍ يُرِيدُ بِهِ شَيْنَهُ حَبَسَهُ الله تَعَالى على جِسْرِ جَهَنَّمَ حتى يَخْرُجَ مِمّا قال" (رواه أحمد وأبوداود).
منقول عن مجلة الفرقان رقم الاصدار : 82 سنة : 2008 شهر : 11
**وقال ( صلى الله عليه وسلم )
- إياكم والظن . فإن الظن أكذب الحديث . ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا . وكونوا ، عباد الله ! إخوانا
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم خلاصة حكم المحدث: صحيح
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين حُسن الظن في جميع أحوالهم ومعيشتهم وعلاقتهم ببعضهم البعض ، و سوء الظن بالله وهو أعظم إثمًا من كثير من الجرائم لتجويزه على الله تعالى أشياء لا تليق بجوده سبحانه وكرمه.
سوء الظن بالمسلمين وهو أيضًا من لا يرضى الله سبحانه وتعالى عليه فمن حكم على غيره بشر بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان في عرضه والتجسس عليه وكلها مهلكات منهيٌ عنها.
وقد قال بعض العلماء وكل من رأيته سيئ الظن بالناس طالبًا لإظهار معايبهم فاعلم أن ذلك لخبث باطنه وسوء طويته فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه.
فإياك أخي والظن وادع ربك أن يصرف عنك خواطر السوء وإن لم تستطع أن تدفع عن نفسك فلا أقل من السكوت وعدم الكلام بما ظننت لعلك تسلم
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلاَّ فإني لا إخالك ناجيًا
ربما في كثير من الأحيان تكون أقوالنا أو حتى أفعالنا عرضة لسوء الفهم من قبل الآخرين , وذلك لتسرعهم بالحكم على من يظنون انه عناهم بالقول او الفعل ، ويصدرون الاحكام جزافاً دون تبيان المقصود والهدف من القول أو الفعل ، وحدوث هذا أمر شائع بين الناس ، و كثيرٌ هو .
ثمة ظاهرة عادية تحصل بيننا كثيراً، في نقاش أي قضية من القضايا، أو أبداء رأي أو نصيحة ، نفترق وكل منا في ذهنه معنى مغاير لما تم طرحه وفهمه .
إنه مظهر من مظاهر سوء الفهم ، فأحد الشخصين قد أساء الفهم ، ولا يوجد احتمال للكذب ولا للروغان، إنما هو احتمالٌ واحد وهو سوء الفهم ، وهي مواقف تحصل كثيراً في حياتنا ، فنُحكم العقل والمنطق لأننا نحتاج إليه، ونظن ان الامر انتهى على ذلك وتنتهي هذه المشكلة. لكن سوء الفهم قد يمتد وينتج عنه نتائج ومواقف أخرى ، وقد يكون مصدراً للحكم على الآخرين وتقويمهم بما ليس هو فيهم , بل وظلمهم في بعض الأحيان ، مما يؤدي الى مشاكل لا تحمد عقباها على المدى القريب .
ومن سلسلة العلامتين ابن باز والالباني نقتتف التالي :
• عود لسانك القول الجميل
ما أجمل أن يعودّ الإنسان لسانه الجميل لين القول فإذا ما تكلم لم يقل إلا خيراً، والكلام الطيب العف يجمل مع الأصدقاء والأعداء جميعا وله ثماره الحلوة، فهو مع الأصدقاء يحفظ مودتهم، ويستديم صداقتهم، يمنع كيد الشيطان أن يوهي حبالهم ويفسد ذات بينهم، قال الله تعالى {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} .
وحسن الحديث مع الأعداء يطفئ خصومتهم، ويكسر حدتهم، أو يوقف تطور الشر، واستطارة شرره، قال الله تعالى{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }.
• مع سماحة الشيخ
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : ذكر الإنسان بما يحبه ويرضاه هذا ليس بغيبة، كونه يقال عنه إنه طيب، وأنه محافظ على الصلوات، وأنه من الأخيار هذا ليس بغيبة هذا ثناء ولا حرج في ذلك، وإنما الغيبة ذكرك أخاك بما يكره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الغيبة ذكرك أخاك بما يكره » هذه الغيبة، بخيل، جبان، بذيء اللسان، وما أشبه ذلك مما يكرهه هذه هي الغيبة.
وإذا اغتاب الإنسان أخاه، فالواجب عليه أن يعتذر إليه ويقول سامحني جزاك الله خيراً أنا وقعت في عرضك، فإن خاف من شر وأن يترتب عليه شر يستغفر له ويدعو له، ويذكره في محاسنه التي يعلمها عنه في المواضع التي اغتابه فيها ويكفي هذا والحمد لله، وإذا استهزأ بلسانه فهو مستهزئ، إذا استهزأ بالدين فهو كافر ولو ما عنده أحد يستهزأ عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق ومن تاب لله تاب الله عليه.
المفضلات