الخيط الذي عجزت معظم الحكومات السابقة عن مسكه هو الالتفات إلى المصلحة العامة قبل الخاصة
مكرم الطراونة يكتب لموقع "الحقيقة الدولية"..بين "القيل والقال"..الذهبي أو غيره.. فالخاسر الأوحد هو المواطن
الحقيقة الدولية- خاص
كتب الزميل مكرم الطراونة مقالا قال فيه ان انشغال الصالونات السياسية هذه الأيام ببقاء أو رحيل وزارة المهندس نادر الذهبي، لا تعني "المواطن الذي شغلته تلك التوقعات بأحاديث غيبية استند مروجوها على تسريبات أو مؤشرات أو ادعاءات أو ربما حقائق، حتى أنسوه همه الأساسي".
وأضاف الزميل الطراونة أن الأحوال المالية والاقتصادية جعلت المواطن "يتألم في اليوم مئة مرة، ويتألم في كل مكان يقصده، عند تعبئة سيارته بالبنزين، وعند شرائه اللحمة، ان استطاع، وعندما يطلب منه شراء خضروات، فأي حكومة، أيها المراقبون، تكون قادرة على مسح هذا الآلام هي حكومة كل مواطن، سواء كان نادر الذهبي أو غيره.
ودعا الزميل الطراونة إلى التفكير قبل تشخيص أسباب مغادرة أي حكومة للدوار الرابع، وان مهمة الحكومة القادمة مهما كانت هويتها مسك طرف الخيط الذي عجزت عن مسكه معظم الحكومات السابقة وهو الالتفات إلى المصلحة العامة قبل الخاصة.
وفيما يلي نص مقال الزميل الطروانة
تنشغل الصالونات السياسية هذه الأيام، بمصير حكومة رئيس الوزراء نادر الذهبي، التي يرى مراقبون، لا عمل لهم سوى "القال والقيل"، أنها على وشك الرحيل، خصوصا وأن حالة ارتباك سياسي وأمني ضربت شواطئها خلال الشهرين الماضيين.
قد تصدق توقعات هؤلاء المراقبين، وقد تخونهم تأويلاتهم وفلسفتهم، وفي كلا الحالتين فإن الخاسر الأوحد هو المواطن الذي شغلته تلك التوقعات بأحاديث غيبية استند مروجوها على تسريبات أو مؤشرات أو ادعاءات أو ربما حقائق، حتى أنسوه همه الأساسي.
ففيما ينشغل هؤلاء المراقبون، الذين لا تعرف بالعادة هويتهم، ولا يظهرون إلا بين السطور، في مصير حكومة نادر الذهبي، وتشخيص ادائها، وتوقع الشخصية المقبلة التي ستتسيد سدة السلطة التنفيذية، وسرعان ما ستكوى بتوقعاتهم، ينشغل الأردنيون بشغف الحياة، سعيا منهم لتأمين رمق العيش مع بداية شهر رمضان الذي تفنن التجار في استغلاله أيما استغلال دون محاسبة.
المواطن يتألم في اليوم مئة مرة، ويتألم في كل مكان يقصده، عند تعبئة سيارته بالبنزين، وعند شرائه اللحمة، ان استطاع، وعندما يطلب منه شراء خضروات، فأي حكومة، أيها المراقبون، تكون قادرة على مسح هذا الآلام هي حكومة كل مواطن، سواء كان نادر الذهبي أو غيره.
في كل تغيير حكومي، أو تعديل، تخرج إلى الأفق أسئلة هي ذاتها، التي نسمعها، انتقادات لأداء الوزراء، تجن وافتراء على البعض، وقول الحق في البعض الآخر. وفي كل الحالات، يخرج المراقبون بتحليلات "فلسفية" تهدف إلى فرد عضلاتهم بأنهم الأقدر على قراءة "الطالع"، بعيدا عن تقديم رؤية شمولية لمرحلة أزفت وأخرى قادمة.
لا شك أن أخطاء وقعت بها حكومة معروف البخيت، وحكومة فيصل الفايز، وحكومة عدنان بدران، وحكومة نادر الذهبي، وهي أخطاء متشابهة إلى حد بعيد، أخطاء عمادها سوء التعامل مع قضايا المواطن، فالمسؤولون ينشغلون بالشأن السياسي على حساب المحلي، على اعتبار أنه يقودهم نحو العالمية، فكل الأردنيين، ولله الحمد ومن "غير حسد" يفهمون بالسياسة والاقتصاد والرياضة والفن والثقافة، وعلى رأسهم أولئك "المراقبون".
على المراقبين، الذين يطلقون العنان لتحليلاتهم عبر الصحف والمواقع الالكترونية، التفكير قبل تشخيص أسباب مغادرة أي حكومة للدوار الرابع، والانبراء للتفسير والتأويل، والهاء الناس عن همومهم، وأعمالهم، بتقديم قراءة بناءة تساعد أي حكومة قادمة مهما كانت هويتها على مسك طرف الخيط الذي عجزت عن مسكه معظم الحكومات السابقة، وإن كان أوله هو الالتفات إلى المصلحة العامة قبل الخاصة.
في الآونة الحالية، لن يسعدني خروج نادر الذهبي من الحكومة، لا لسبب سوى لأننا مللنا كثرة التغييرات، التي لم تخرج لنا رئيس حكومة "خارقا" لذا علينا أن لا نضيع وقتنا بهوية الشخص القادم.
نريد وزراء أبطال، كالذين نشاهدهم في الأفلام، ونريد حكومة لا تنشغل في النزاعات والصراعات الجانبية، ونريد من أولئك المراقبين أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة قبل الانبراء إلى التنبؤ بمستقبل الوطن.
لا يعني كثيرا أن يقاطع وزير الصناعة والتجارة اللحوم الحمراء، فهذا ليس دوره البطولي، وإنما ما يجب على الوزير فعله هو وضع حد لسيطرة فئة محتكرة لقطاع اللحوم في المملكة من العبث بـ "بطون الناس". وعلى أولئك "المراقبين" مساعدته في وضع حد لتلك الفئة المحتكرة.
كثيرا ما يقال "يشعر المراقب"، أو "يرى المراقبون"، بالمناسبة.. من هم هؤلاء المراقبون الذين يعبثون بحقائق الأمور؟
المصدر : الحقيقة الدولية- خاص- 22.8.2009
المفضلات