مفلح العدوان
ها هو يسعى..
أراه يسير في المدينة، حاملا خبز الفقراء، ومعه سيرة البسطاء الخائفين على رزق العيال!!
***
ها هو يمشي..
وأرغفة ترفرف كالعصافير فوق رأسه،تغرّد للماشين حولها، تلوّح لهم، وتدرك معنى التفاتة الفتى، ومغزى التماعة المشيب، ودلالة سواد الطريق، وشماتة قسوة الحافلة في رقصها وسط جمع يلهث وراء دفء الرغيف!!
***
ها هو الرغيف.. يتبارك بالنوايا الطيبة، فيصبح أرغفة ليسد رمق الجمع المنتظر حظوة اللمسة الأولى، وهو يدعو: «أعطنا يا رب..»..خبزنا.. وامنح الطيبين، رغيف الكفاية، والرضى!!
***
هذا الخبز.. يتململ قلقا على رأس خبازه، كأنه هودج البشارة.. مهيبا كثغر القمر.. هو ابن الحنطة، حفيد السنابل، سليل التراب، مضغة من صلب طين القلب، شهقة من صليب السماء.. كل هذا وأكثر: سُرّة سرٍّ عفيف.. قطب الرحى المجبول من عرق ودم وترنيمة بوح شريف.. حمامة حلم رهيف، تهادى من علٍ رقيقا، شفيفا، وحطّ مهيبا، كما البشارة، ومعه فيض الدعاء:ارحم المحتاجين، يا رب الطيبين، واحم خبزهم «من شرّ حاسد إذا حسد».. يا الله.. حتى على رغيف الخبز هناك من ينظر بعين الحقد والحسد.. إحم خبز الفقراء يا الله..يا الله!!
المفضلات